وقال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يجوز ما لم يتغير أحد أوصافه لما روينا. وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يجوز إن كان الماء قلتين؛ لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا»
ــ
[البناية]
إن قليلا لا يحتمل أن يكون صفة للماء وذلك سهو منه لأن كان تقتضي اسما وخبرا فالاسم هو النجاسة والخبر هو القليل والكثير، وإذا كان كذلك بأي توجيه يكون القليل والكثير صفة للماء.
قلت: كأنه أراد بقول بعضهم صاحب " الدراية " ونسبه إلى السهو وليس كذلك لأن مراده من قوله يحتمل أن يكون صفة للماء باعتبار اختلاف الجنسين.
م:(وقال مالك يجوز ما لم يتغير أحد أوصافه) ش: أي يجوز الوضوء بالقليل وإن وقعت فيه النجاسة ما لم يتغير أحد أوصافه وهو اللون والطعم والرائحة.
م:(لما روينا) ش: أراد به قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الماء طهور لا ينجسه شيء» الحديث، وقد مر توجيهه م: (وقال الشافعي يجوز إذا كان الماء قلتين لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا» ش: رواه الأربعة من حديث ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، ورواه ابن ماجه في صحيحه ولفظه «لم ينجسه شيء» وأخرجه الحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأظنه لاختلاف فيه على أبي أسامة عن الوليد بن كثير، ورواه الشافعي في "مسنده "، وأحمد في "مسنده " وابن خزيمة والدارقطني والبيهقي، ولفظ أبي داود:«إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث» وفي رواية له ولابن ماجه «فإنه لا ينجس» . وقال ابن المنذر: إسناده على شرط مسلم صحيح وأخرجه الطحاوي أيضا بسند صحيح ولكنه اعتل في تركه العمل به بجهالة مقدار القلتين.
واختلفوا في تفسير القلة فقيل خمس قرب كل قربة خمسون منا وقيل جرة تسعمائة وخمسة وعشرين منا، وقيل القلتان خمسمائة رطل بالبغدادي، وقيل ستمائة، وقيل ألف وهما بالمساحة ذراع وربع طولا وعرضا وعمقا هكذا قالوا، وليس محررا فإن الماء تختلف أوزانه، وفي " المغني " لابن قدامة القلة هي الجرة ويقع هذا الاسم على الصغيرة والكبيرة، والمراد من القلتين هاهنا من قلال هجر وهما خمس قرب كل قربة مائة رطل بالعراقي فتكون القلتان خمسمائة رطل، هذا هو المشهور في المذهب وعليه أكثر الأصحاب وهو مذهب الشافعي.
ووري الأثرم عن الأكمل أنهما أربع قرب وحكاه ابن المنذر أيضا عن أسامة. قلت: وهجر التي تنسب إليها القلال قرية كانت ببلاد المدينة، ويقال: الهجر التي باليمن والأول أصح.