كل موضع: السنة في بلدنا كذا فإنما أراد سليمان بن بلال وكان عريفا بالمدينة. قوله:"ثم يغتسل فيه" برفع اللام لأنه خبر لمبتدأ أي: وهو يغتسل فيه، ويجوز الجزم عطفا على محل لا يبولن لأنه مجزوم، وعدم ظهور الجزم لأجل النون، وقد قيل: يجوز النصب بإضمار أن ويعطى له حكم الواو، قلت: هذا فاسد لأنه يقتضي أن يكون المنهي عنه هو الجمع بينهما دون إفراد أحدهما، ولهذا لم يقل به أحد بل البول فيه منهي سواء أراد الاغتسال فيه أو منه أو لا. وقال القرطبي: الصحيح يغتسل برفع اللام ولا يجوز نصبها إذ لا ينصب بإضمار أن بعد ثم وخالفه في ذلك ابن مالك وأجازه الذي ذكرناه، ويستنبط منه أحكام:
الأول: أن أصحابنا احتجوا به أن الماء الذي لا يبلغ الغدير العظيم إذا وقعت فيه نجاسة لم يجز الوضوء به قليلا كان أو كثيرا.
الثاني: استدل به أبو يوسف على نجاسة الماء المستعمل فإنه قرن فيه بين الغسل وبين البول فيه، وفي دلالة القران بين الشيئين على استوائهما في الحكم خلاف بين العلماء، فالمذكور عن أبي يوسف والمزني ذلك، وخالفهما غيرهما.
الثالث: أن هذا الحديث عام فلا بد من تخصيصه اتفاقا بالماء المستبحر الذي لا يتحرك أحد طرفيه بتحريك الطرف الآخر، وبحديث القلتين كما ذهب إليه الشافعي، أو بالعمومات الدالة على طهارة الماء ما لم يتغير أحد أوصافه الثلاثة كما ذهب إليه مالك.
الرابع: أن المذكور فيه البول فيلحق به اغتسال الحائض والنفساء قياسا، وكذلك يلحق به اغتسال الجمعة، والاغتسال عند غسل الميت عند من يوجبها.
فإن قلت: يلحق به الغسل المسنون أم لا، قلت: من اقتصر على اللفظ فلا إلحاق عنده كأهل الظاهر، وأما من يعمل بالقياس فمن زعم أن العلة الاستعمال فالإلحاق صحيح، ومن زعم أن العلة رفع الحدث فلا إلحاق عنده، فاعتبر بالخلاف الذي بين أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - في كون الماء مستعملا كما علم في موضعه. م:(من غير فصل) ش: أي حجتنا حديث: «لا يبولن أحدكم» إلخ. فإنه على العموم من غير فصل بين دائم ودائم، وبين ما يتغير لونه وبين ما لا يتغير.
فإن قلت: ما محل هذا من الإعراب.
قلت: النصب على الحال من قوله: لا يبولن، أي حجتنا عموم قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حال كونه من غير فصل كما ذكرنا.
م:(والذي رواه مالك) ش: وهو قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الماء طهور لا ينجسه شيء» وهذا جواب عن احتجاج مالك بهذا الحديث فيما ذهب إليه من جواز الطهارة من الماء القليل الذي وقعت ما لم