لأن ساعات المجلس اعتبرت ساعة واحدة، إلا أن المجلس تارة يتبدل بالذهاب عنه، وتارة بالاشتغال بعمل آخر، إذ مجلس الأكل غير مجلس المناظرة، ومجلس القتال غيرهما، ويبطل خيارها بمجرد القيام؛ لأنه دليل الإعراض بخلاف الصرف والسلم لأنه المفسد هناك الافتراق من غير قبض ثم لا بد من النية في قوله: اختاري؛ لأنه يحتمل تخييرها في نفسها، ويحتمل تخييرها في تصرف آخر غيره، فإن اختارت نفسها في قوله اختاري: كانت واحدة بائنة
ــ
[البناية]
في المجلس م:(لأن ساعات المجلس اعتبرت ساعة واحدة) ش: لرفع الضرورة، قال الحاكم الشهيد في الكافي: إذا خير الرجل امرأته فلها الخيار في ذلك المجلس، وإن تطاول يومًا أو أكثر م:(إلا أن المجلس) ش: أي غير أن المجلس م: (تارة يتبدل بالذهاب عنه) ش: أي عن المجلس م: (ومرة بالاشتغال بعمل آخر، إذ مجلس الأكل غير مجلس المناظرة، ومجلس القتال غيرهما) ش: أي غير مجلس الأكل، وغير مجلس المناظرة.
والحاصل من هذا الكلام بيان أن انقطاع المجلس تارة يكون سببًا حسيًا وهو نحوها من ذلك المكان، وتارة بسبب حكمي وهو اشتغالها بعمل آخر، ألا ترى أن الرجلين إذا كانا يتناظران في مجلس يكون مجلسهما مجلس النظر، ثم إذا اشتغلا بالأكل يكون مجلسهما مجلس الأكل، ثم إذا اشتغلا بشيء آخر يكون مجلس ذلك الشيء.
م:(ويبطل خيارها بمجرد القيام، لأنه دليل الإعراض) ش: لأنها لو اختارت لما قامت، وكذا إذا اشتغلت بعمل آخر م:(بخلاف الصرف والسلم، لأن المفسد هناك) ش: أي في باب الصرف والسلم م: (بالافتراق من غير قبض، ثم لا بد من النية) ش: أي من نية الطلاق م: (في قوله: اختاري لأنه يحتمل تخييرها في نفسها، ويحتمل تخييرها في تصرف آخر غيره) ش: لا شك أن الاختيار يحتمل وجوهًا أخر سوى اختيار النفس بأن يراد اختاري الكسوة أو النفقة أو الدار للسكنى، فلا بد من نية الطلاق ليزول الاحتمال.
م:(فإن اختارت نفسها في قوله: اختاري كانت واحدة بائنة) ش: قال الكاكي: وهو قول علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وقال الشافعي وأحمد: رجعية وهو قول عمر وابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - في سائر الكنايات، وعند زيد ثلاث، وكأنه حمل على إثم يكون من الاختيار، وبه قال مالك وعمر وابن مسعود حملًا على أدنى ما يكون منه، وهو طلاق رجعي. وجه قول علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، أن اختيارها لنفسها إنما يتحقق بزوال ملك الزوج حتى تصير مالكة أمر نفسها لا يختلف بالثلاث والواحدة البائنة، ولهذا قلنا: لو نوى الثلاث بهذا اللفظ لا يقع إلا واحدة بائنة. وقال الترمذي: اختلف أهل العلم في الخيار، فروي عن عمر بن الخطاب، وابن مسعود أن اختيارها لنفسها طلقة بائنة، وكذا عن علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - واحدة بائنة، لكن إن اختارت زوجها فواحدة رجعية، ومثله عن زيد - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلا أنه