والقياس أن لا يقع بهذا شيء، وإن نوى الزوج الطلاق لأنه لا يملك الإيقاع بهذا اللفظ فلا يملك التفويض إلى غيره، إلا أنا استحسناه لإجماع الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، ولأنه بسبيل من أن يستديم نكاحها أو يفارقها
ــ
[البناية]
قال: إن اختارت نفسها فثلاث، وعنه واحدة بائنة. وقال الترمذي: وذهب أكثر أهل العلم إلى قول عمر وابن مسعود من بعدهم من أهل العلم والوقفة وهو قول الثوري والكوفيين، وبه قال أحمد وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور، فإن طلقت نفسها ثلاثًا، فليس للزوج أن ينكر لك عند مالك وأكثر أصحابه. وقال ابن جهم وسحنون: له ذلك. وقال طاوس: اختيارها نفسها ليس بطلاق، لأن الطلاق لا يكون إلى النساء. وقال ابن عمر: ومثله قال أبو حنيفة في التخيير لا يقع به الطلاق، وأخطأ في النقل عنه.
فإن قلت: لو قال: لها أمرك بيدك أو طلقي نفسك أو أنت بائن يصح نية الثلاث، وهاهنا لا يصح مع أن فيها لفظ الأمر، مع أن الاختيار متنوع أيضًا، وهو الأدنى والأعلى لما قال زيد بن ثابت.
قلت: أجاب بعضهم بأن الوقوع بلفظ الاختيار على خلاف القياس، وإنما يثبت ذلك بإجماع الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، والإجماع انعقد بالطلقة الواحدة، بخلاف تلك المسائل. قلت: فيه نظر وقوع تأمل. وأشار شيخ الإسلام بأن الأمر اسم عام يتناول كل شيء، قال الله تعالى:{وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}[الانفطار: ١٩] أراد به الأشياء كلها، فصلح اسمًا لكل فعل، فإذا نوى الطلاق صار كأنه قال طلاقك بيدك، والطلاق يحتمل العموم والخصوص. فأما اختيار اسم لفعل خاص وهو الخلوص والصفوة وثبوت البينونة، وفيه مقتضى الصفوة، فلم يصح فيه العموم. ثم لو اختارت المرأة زوجها لا يقع به شيء عندنا، وبه قال الشافعي، وهو قول عمر بن الخطاب وابن مسعود وأبي الدرداء وغيرهم غير علي، «فقالت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - خيرنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاخترناه» ولم يكن ذلك طلاقًا. وعن علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - في رواية تقع رجعية، وبه قال الحسن البصري وربيعة.
م:(والقياس أن لا يقع بهذا) ش: أي يقتضي القياس أن لا يقع بقوله اختاري م: (شيء) ش: كما ذهب إليه طاوس م: (وإن نوى الزوج الطلاق) ش: واصل بما قبله م: (لأنه) ش: أي لأن الزوج م: (لا يملك الإيقاع بهذا اللفظ) ش: أي بقوله - اختاري - م:(فلا يملك التفويض إلى غيره) ش: لأن من لا يملك الشيء كيف يتصرف فيه.
م:(إلا أنا استحسناه) ش: أي قلنا بالاستحسان م: (لإجماع الصحابة) ش: - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - م:(ولأنه) ش: أي ولأن الزوج م: (بسبيل من أن يستديم نكاحها أو يفارقها) ش: أي للزوج التصرف في امرأته إن شاء يبقيها بحسب ما يريد، وإن شاء فارقها ولا حجر عليه