فإن قلت: ما الدليل على كون ماء بئر بضاعة جاريا في البساتين.
قلت: روى الطحاوي عن أحمد بن أبي عمران عن أبي عبد الله محمد بن شجاع البلخي عن الواقدي أن بئر بضاعة كانت طريقا للماء إلى البساتين.
فإن قلت: كان أهل الحديث يشنعون على الواقدي تشنيعا عظيما، ونقل ابن الجوزي عن ابن عدي أنه كان يضع الحديث في السنة ينسبها إلى أهل الحديث متهما بها.
قلت: من جملة تصانيفه كتاب الرد على المشبهة، فكيف يصح هذا عنه وكان دينا صالحا عابدا.
وفي " التهذيب ": كان فقيه أهل الرأي في وقته، وصاحب التصانيف، فإن كان الواقدي مجروحا لما رواه عنه، وقال البخاري فيه: متروك الحديث، ثم عن الشافعي أنه قال: كتب الواقدي كذب، نقله البيهقي، وقال: الواقدي لا يحتج بروايته فيما يسنده فكيف فيما يرسله. وقد ضعفه يحيى وكذبه أحمد.
قلت: هذا تحامل من البيهقي على الطحاوي في هذا الموضع، والعجب منه أن يشنع هذا التشنيع والحال أنه يخبر عن مشاهدة لأنه من أهل المدينة وهو أدرى بحالها وحال آبارها من غيره، وفيه إسناد وإرسال فيقول ما يقول، وقد طبق الأرض شرقها وغربها ذكره وسارت الركبان بكتبه في فنون العلم كما ذكره الخطيب في ترجمته، وقال إبراهيم بن جابر الفقيه: سمعت الصاغاني وذكر الواقدي فقال: والله لولا أنه عندي ثقة ما حدثت عنه، وحدث عنه الأربعة أئمة الكبار أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وأبو حثمة ورجل آخر، ويمكن أن يكون هو الشافعي لأنه روى عنه.
وقال مصعب بن الزبير: الواقدي ثقة مأمون، ولولا هو والبلخي ثقتان عند الطحاوي لما روى عنهما في معرض الاستدلال، وتعريض غيره وتضعيفه إياهما لا يلزمه على ما عرف. واسم الواقدي: محمد بن عمرو الأسلمي أبو عبد الله المدني قاضي بغداد وأحد مشايخ الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
فإن قلت: قد قيل إن المدينة لم يكن لها ماء جار على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأما عين الزرقاء وعيون حمزة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فحدثت بعد ذلك، وبئر بضاعة كان ماؤها نبع غير جار وهي باقية إلى اليوم شرقي المدينة بدار بني ساعدة.