للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما رواه الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - ضعفه أبو داود،

ــ

[البناية]

قلت: هذا يرد بما رواه الطحاوي، على أنه يحتمل أن يكون مراد هذا القائل أن المدينة لم يكن بها ماء جار على وجه الأرض مثل النهر، وبئر بضاعة كان ماؤها جاريا تحت الأرض كالقنوات التي تجري تحت الأرض.

وقال الأكمل: فإن قيل استدل المصنف في أول الباب إلخ. نقله عن صاحب " الدراية " فإنه قال ذلك ثم قال في آخره كذا قول شيخي - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وهو الإمام علاء الدين بن عبد العزيز.

تقرير السؤال أنه قال - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إن الماء لا ينجس» لما بين أنه ورد في بئر بضاعة لا يستقيم العمل بعمومه في أول الباب حيث أثبت صاحب " الهداية " طهارة المياه الكائنة من السماء والأودية والعيون والآبار وماء البحار بهذا الحديث، فإن كانت اللام في قوله الماء للجنس صح الاستدلال وبطل الحمل وإن كان للعهد صح الحمل ويبطل الاستدلال وتقرير الجواب أن اللام للجنس فالاستدلال صحيح والحمل ليس بباطل، لأن الحديث يشتمل على قضيتين إحداهما الماء طهور والثانية لا ينجسه شيء، والاستدلال بالأول صحيح لأنها تفيد المقصود من غير اقتضاء إلى الثانية والحمل بالثانية.

فإن قيل: الضمير في قوله لا ينجسه يرجع إلى ما دخل عليه اللام فكان المراد به الجنس فكيف يصح حمله على المعنيين.

أجيب بأن اللفظ إذا احتمل معنيين وأريد به أحدهما ثم أريد بضميره الآخر جاز ويسمى ذلك استخداما كما في قول الشاعر:

إذا نزل السماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا

أريد بالسماء المطر وبضميره النبات. ونظيره قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسلن فيه من الجنابة» . فإن القضية الأولى على العموم حتى حرم البول في الماء القليل والكثير جميعا واختصت الثانية بالقليل فوجب تخصيصه حتى لا يحرم الاغتسال في الماء الدائم الكثير مثل الغدير العظيم ونحوه، فيثبت أن حمل الحديث هنا على الماء الجاري لا يمنع التمسك به في أول الباب لعمومه. م: (وما رواه الشافعي ضعفه أبو داود) ش: أراد به حديث القلتين.

قال الأترازي: أبو داود هذا هو أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني صاحب كتاب " معالم السنن " إمام ثقة من أئمة الحديث مقبول الرواية عند كل المذاهب، وتبعه الأكمل في ذلك، قلت هذا كلام غير صحيح لأن أبا داود السجستاني الذي ذكره روى حديث القلتين في "سننه". وسكت عنه فهو صحيح عنده على عادته في ذلك قال صاحب " الهداية " لم يعين اسم أبي داود فيحتمل أن يكون أبا داود الطيالسي أو غيره ممكن يكنى بأبي داود من أئمة الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>