والثاني قوله: قال في الحديث بقلال هجر يتوهم له أنه من لفظ الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والذي وجد في رواية ابن جريج إنما هو من قول غير الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قلت: وفيه علة ثالثة وهو أن شيخه مسلم بن خالد ضعيف ضعفه جماعة منهم البيهقي الذي تنازع فيه مع أئمة الحنفية ولا سيما في هذا الباب، فإن في باب من زعم أن التراويح بالجماعة أفضل، والذي وجد في رواية ابن جريج أنه قول يحيى بن عقيل وبينه البيهقي ويحيى هذا ليس بصاحبي فلا تقوم بقوله حجة.
فإن قلت: أسند البيهقي عن محمد عن يحيى بن عقيل قال قلال فأظن أن كل قلة تأخذ فرقتين، زاد أحمد بن علي في رواية والفرق ستة عشر رطلا، قلت في هذا أربعة أشياء أحدها: أنه مرسل.
والثاني: أن أحد المذكور فيه هذا يحيى على ما قاله أبو أحمد الحافظ يحتاج إلى الكشف عن حاله.
الثالث: أنه ظن من غير جزم.
الرابع: أنه إذا كان الفرق ستة عشر رطلا يكون مجموع القلتين أربعة وستين رطلا، وهذا لا يقول به البيهقي ولا إمامه وقد أكثر العلماء في هذا الباب جدا.
وحاصله أن حديث القلتين مضطرب لفظا ومعنى، أما اللفظ فمن جهة الإسناد والمتن، أما الإسناد فلأنه روي بروايات مختلفة، وأما المتن فما تقدم وضعفه الحافظ أبو عمر بن عبد البر وابن العربي، وأما من جهة المعنى فقيل إن القلة اسم مشترك يطلق على الجرة والقلة، والقلة على رأس الجبل، وعلى قامة الرجل، والاسم المشترك لا يراد به إلا أحد المعاني الذي دل عليه المرجح، فأي دليل ترجح دل على أن المراد من القلة ما أرادوه لا غير من التقدير.
فإن قالوا: الدليل ما روي في الحديث بقلال هجر، فقد أجبنا عنه من قريب.
وقال أبو عمر في " التمهيد " في القلتين: مذهب ضعيف من جهة النظر غير ثابت في الأثر، لأن حديث القلتين قد تكلم فيه جماعة من أهل العلم بالنقل ولأنه لا يوقف على حقيقة مبلغهما في أثر ثابت ولا إجماع ولو كان حتما لازما لما منعوه ثم إنهم يقولون إذا تغير لونه أو طمعه أو ريحه بالنجاسة تنجس القلتان وليس في حديثهم ذلك، وإنما جاء في مطلق الماء، وقد ترك جماعة من أصحاب الشافعي مذهبه فيه لضعفه كالغزالي والديواني وغيرهما. وقال أبو عمر في " الاستذكار " حديث معلول رواه إسماعيل القاضي وتكلم فيه. وقال الطحاوي إنما لم يقل به لأن مقدار القلتين لم يثبت.