وهو يضعف عن احتمال النجاسة والماء الجاري إذا وقعت فيه نجاسة جاز الوضوء منه إذا لم ير لها أثر؛ لأنها لا تستقر مع جريان الماء،
ــ
[البناية]
م:(وهو يضعف عن احتمال النجاسة) ش: هذا تأويل معنى حديث القلتين، فإن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - يقول معنى قوله لا يحمل الخبث لا يقبل النجاسة ويدفعها، ونحن نقول معناه يضعف عن احتمال النجاسة، فإذا كان كذلك لم يكن التمسك به صحيحا. قلت: معناه يضعف عن مقاومة النجاسة كما يقال فلان لا يحتمل أذى الناس، وفلان لا تحتمل الضرب، وهذه الدلالة لا تحتمل هذا المقدار من الحمل، وهذه الأسطوانة لا تحتمل ثقل السقف، وهذا استعمال عربي فلا يتعين ما ذهب إليه فصار مجملا.
وقال النووي: هذا خطأ فاحش من أوجه أحدها أن الرواية الأخرى مصرحة بغلطه وهو قوله فإنه لا ينجس، الثاني أن الضعف عن الحمل إنما يكون في الأجسام كقولنا فلان لا يحمل الخشبة أي يعجز عن حملها لثقلها، وأما في المعاني فمعناه لا يقبله. الثالث أن سياق الكلام يفسره لأنه لو كان المراد أنه يضعف عن حمله لم يكن للتقييد بالقلتين معنى فإن ما دونها أولى بذلك، وأجيب بأن التأويل المذكور في الرواية التي ذكرها المصنف صحيح على ما مر وتأويلهم في هذه الرواية.
وأما الرواية الأخرى فالجواب عنها أن العمل متعذر للاختلاف الشديد في تفسير القلتين. وقال ابن حزم لا حجة لهم في حديث القلتين لأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يحدد مقدار القلتين، ولاشك أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لو أراد أن يجعلهما حدا بين ما يقبل النجاسة وبين ما لا يقبلها، لما أجمل أن يحدها لنا بحد ظاهر. وأما الشافعي فليس حده في القلتين أولى من حد غيره فسرهما بغير تفسيره وكل قول لا برهان عليه فهو باطل. والقلتان ما وقع عليه في اللغة اسم قلتين صغرتا أم كبرتا، ولا خلاف أن القلة التي تسع عشرة أرطال ماء تسمى عند العرب قلة وليس هذا الخبر دال على قلال هجر، ولا شك أن لهجر قلالا صغارا [لا] كبارا فإنه قيل أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قد ذكر قلال هجر في حديث الإسراء.
قلت: نعم وليس ذلك بموجب أن يكون - عَلَيْهِ السَّلَامُ - متى ذكر قلة فإنما أراد بها من قلال هجر، وليس تفسير ابن جريج القلتين بأولى من تفسير مجاهد الذي قال هما جرتان ويفسر كذلك.
م:(والماء الجاري إذا وقعت فيه نجاسة جاز الوضوء منه إذا لم ير لها أثر) ش: أي لم يعلم لها أثر، وفيه إشارة إلى أنها لو كانت مرئية لا يتوضأ من جانب الوقوع، وإذا لم تكن مرئية جاز له الوضوء من أي موضع شاء من موضع وقوع النجاسة فيه أو من غيره م:(لأنها) ش: أي لأن النجاسة م: (لا تستقر مع جريان الماء) ش: أي لا تستقر في موضع وقوعها مع جريان الماء بل تتحول