خلافا لمالك والشافعي - رحمهما الله - هما يقولان: إن الطهور ما يطهر غيره مرة بعد أخرى كالقطوع.
ــ
[البناية]
لأنه هو المقصود وقيد بطاهرة الأحداث إشارة إلى أنه يطهر الأخباث فيما روي عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وهو الموافق لمذهبه، فإن إزالة النجاسة المعينة بالمائعات يجوز عنده على ما يأتي. وفي " جامع الإسبيجابي " الماء المستعمل ثلاثة أنواع: نوع طاهر بالإجماع كالمستعمل في غسل الأعيان الطاهرة، ونوع نجس بالاتفاق كالمستعمل في الأعيان النجسة، وفي " الإسبيجابي " قبل أن يحكم بطهارة ذلك الموضع، ونوع مختلف فيه وهو الذي توضأ به محدث أو اغتسل به جنب إن لم تكن على أعضائه نجاسة حقيقية.
م:(خلافا لمالك والشافعي - رحمهما الله -) ش: فإن عندهما يطهر الأحداث، ونصب خلافا على الإطلاق غير موجه على ما نذكره، أما عند مالك فإن المذكور في كتبهم منها " الجواهر " أن الماء المستعمل في طهارة الحدث طاهر ومطهر إذا كان الاستعمال لم يغيره لكنه مكروه مع وجود غيره مراعاة للخلاف وهو قول الزهري والأوزاعي في أشهر الروايتين عنهما، وأبي ثور وداود، قال المنذري عن علي وابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وأبي أمامة والحسن وعطاء ومكحول والنخعي أنهم قالوا: فمن نسي مسح رأسه فوجد في لحيته بللا يكفيه مسحه بذلك البلل، وهذا يدل على أنهم يرون المستعمل مطهرا وبه أقول. وقيل: طاهر ومشكوك في تطهيره، يتوضأ وبه ويتيمم ويصلي صلاة واحدة. وقال النووي: إن في المسألة قولين وهو الصواب.
واتفقوا على أن المذهب الصحيح أنه ليس بطهور وعليه التفريع. وحكى عيسى ابن أبان أنه طهور، قال في " المهذب ": الصحيح أنه ليس بطهور، ومن أصحابنا من لم يثبت هذه الرواية. وقال المحاملي: قوله: من يدر رواية عيسى بن أبان ليس بشيء؛ لأنه ثقة وإن كان مخالفا، وقال بعضهم: عيسى ثقة لا يتهم فيما يحكيه، ففي المسألة قولان. وقال صاحب " الحاوي ": نصه في الكتب القديمة والجديدة وما نقله جميع أصحابه سماعا، ورواية أنه غير طهور. وحكى عيسى بن أبان في الخلاف عن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه طهور.
وقال أبو ثور: سألت الشافعي عنه فتوقف. وقال أبو إسحاق وأبو حامد المروزي فيه قولان. وقال ابن شريح وأبو علي بن أبي هريرة: ليس بطهور قطعا وهذا أصح لأن عيسى بن أبان وإن كان ثقة فيحكي ما يحكيه أهل الخلاف ولم يلقه الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - ليحكيه سماعا، ولا وجده منصوصا فيأخذ من كتبه، ولعله تأول كلامه بصيرورة طهارته ردا على أبي يوسف فحمله على جواز الطهارة به.
م:(هما) ش: أي مالك والشافعي (يقولان: إن الطهور ما يطهر غيره مرة بعد أخرى كالقطوع) ش: ولا يكون كذلك إلا إذا لم ينجس بالاستعمال، وتكلمت الشراح هاهنا بكلام كثير، فقال