بمنزلة القضاء، لأن ولايته على نفسه أقوى من ولاية القاضي، بخلاف المهر، لأنه عوض. وإن مات الزوج بعدما قضي عليه بالنفقة، ومضى شهر، سقطت النفقة. وكذا إذا ماتت زوجته، لأن النفقة صلة، والصلات تسقط بالموت، كالهبة تبطل بالموت قبل القبض. وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: تصير دينا قبل القضاء، ولا تسقط بالموت؛ لأنه عوض عنده، فصار كسائر الديون، وجوابه قد بيناه. وإن أسلفها نفقة السنة
ــ
[البناية]
م:(بمنزلة القضاء، لأن ولايته على نفسه أقوى من ولاية القاضي) ش: لأن له أن يلتزم بالنفقة فوق ما يلتزمه القاضي بالمعروف، فكان مصلحة بمنزلة القضاء بل أولى. م:(بخلاف المهر) ش: بقوله وليست بعوض حيث يجب بلا قضاء ولا تراض. م:(لأنه) ش: أي لأن وجوبه ... م:(عوض) ش: ألا ترى أنه إذا تزوجها ولم يسم لها مهرًا فدخل بها أو مات عنها يلزمه مهر المثل.
م:(وإن مات الزوج بعدما قضي عليه بالنفقة ومضى شهر سقطت النفقة) ش: خلافًا للأئمة الثلاثة. قال الكاكي: هذا إذا فرض لها النفقة، ولم يؤمر بالاستدانة أنه على الزوج، فاستدانت، ثم مات أحدهما، لا يبطل. ذكره الحاكم الشهيد في " المختصر ". وذكر الخصاف أنه يبطل. والصحيح ما ذكره في " المختصر " لأن استدانتها بأمر القاضي، وللقاضي ولاية عليها، فكانت بمنزلة استدانة الزوج بنفسه. وفيه: لا يسقط بموت أحدهما. كذا هاهنا وكذلك في الطلاق، يعني أن الديون المستدانة هل تسقط بالطلاق. فعلى روايتين. في رواية: لا تسقط وهو الصحيح، كذا في " الذخيرة ".
م:(وكذا إذا ماتت زوجته، لأن النفقة صلة، والصلات تسقط بالموت كالهبة تبطل بالموت) ش: أي بموت الواهب أو بموت الموهوب له. م:(قبل القبض) ش: فإن قيل الهبة متأكدة بالقبض والنفقة متأكدة بعد القضاء، فينبغي أن لا تسقط كالهبة المتأكدة بالقبض. قلنا: قال في " الإيضاح ": وإن صارت النفقة دينا عليه بالقضاء، ولكن معنى الصلة لا تبطل، والصلات تبطل بالموت، انتهى.
قلت: قال الكاكي: الدليل على أن معنى الصلة لا يبطل فيها أنه لم ينقل أحد من السلف والخلف الوصية بنفقة فيما إذا مضت مدة، ولا بإخراجها عن تركته كسائر الديون، وقد حكمت الشافعية بنفقة ستين سنة أو أكثر إذا أنكرت إنفاقه عليها، وجعلوها كسائر الديون، وبعد هذا لا يخفى ما فيه، وجماعة من أصحاب الشافعي لا يرضون بهذا الحكم.
م:(وقال الشافعي: تصير دينا قبل القضاء، ولا تسقط بالموت، لأنه عوض عنده، فصار كسائر الديون) ش: قال في " شرح الأقطع ": قال الشافعي: إنها تؤخذ من تركة الزوج، وقال " الشامل ": وعن محمد أن يؤدي من ماله. م:(وجوابه قد بيناه) ش: أي جواب الشافعي على قوله إن النفقة عوض قد بيناه في مسألة، وإن كانت صغيرة لا يستمتع بها لا نفقة لها. وهو ما ذكره بقوله: ولنا في المهر عوض عن الملك، لا يجتمع العوضان عن عوض واحد. م:(وإن أسلفها نفقة السنة)