وإذا مضت مدة لم ينفق الزوج عليها وطالبته بذلك، فلا شيء لها إلا أن يكون القاضي فرض لها النفقة، أو صالحت الزوج على مقدار منها، فيقضي لها بنفقة ما مضى، لأن النفقة صلة وليست بعوض عندنا على ما مر من قبل، فلا يستحكم الوجوب فيها إلا بالقضاء، كالهبة لا توجب الملك إلا بمؤكد، وهو القبض والصلح
ــ
[البناية]
م:(فإذا تبدل حاله) ش: أي حال الزوج بأن صار موسرًا. م:(لها المطالبة بتمام حقها) ش: والفرض السابق لا يمنع الإتمام، لأنه فرض قبل الوجوب، فلا يتقرر حكمه، وذلك مثل المعسر إذا حنث في يمينه، فشرع في صوم الكفارة، ثم أيسر يجب عليه التكفير بالمال لزوال الإعسار.
م:(وإذا مضت مدة لم ينفق الزوج عليها) ش: أي على المرأة في هذه المدة م: (وطالبته بذلك) ش: أي وطالبت الزوج بما كان لها من النفقة. م:(فلا شيء لها) ش: يعني عندنا، لأن النفقة لا تصير دينا بمضي المدة، كنفقة الأقارب.
م:(إلا أن يكون القاضي فرض لها النفقة) ش: هذا استثناء من قوله فلا شيء لها، حاصله أن النفقة لا تصير دينا في الذمة إلا بأحد شيئين، أحدهما: بفرض القاضي النفقة لها، والآخر هو قوله. م:(أو صالحت الزوج على مقدار منها) ش: أي من النفقة، وبه قال أحمد في رواية.
وقال الشافعي ومالك وأحمد - في رواية -: تصير دينا بلا قضاء ولا تراض إلا عند مالك لو أقامت عنده سنين، وهو مليء، وادعت عليه أنه لم ينفق عليها، والزوج يدعي الإنفاق، فالقول له مع يمينه، وكذا في غيبته. أما لو أكلت معه، سقطت نفقتها عند مالك والشافعي، في الأصح ذكره في " المنهاج ".
م:(فيقضي لها بنفقة ما مضى) ش: هذه نتيجة قوله إلا أن يكون القاضي فرض لها إلى آخره. م:(لأن النفقة صلة) ش: هذا تعليل لقوله: فلا شيء لها، بيان ذلك أن النفقة صلة. م:(وليست بعوض عندنا) ش: خلافًا للشافعي ومن معه. م:(على ما مر من قبل) ش: أشار به إلى ما ذكره من الدليل في قوله، وإن كانت صغيرة لا يستمتع بها، فلا نفقة لها، كذا قاله الأترازي.
وقال الأكمل: يريد به قوله: أن المهر عوض عن الملك، ولا يجتمع العوضان عن عوض واحد، فإن قيل ما تقدم يدل على أنها ليس بعوض عن البضع، لكن لا ينافي أن يكون عوضًا عن الاستمتاع بها والقيام عليها تصرفًا في ملكه، وذلك لا يوجب على المالك الملك عوضًا. فإن قيل: لو كانت صلة، لما وجبت على المكاتب، أجيب بأنها صلة من وجهين، وما هذا شأنه يجب على المكاتب كالخراج، وإذا ثبت أنها صلة. م:(فلا يستحكم الوجوب فيها) ش: أي في النفقة. م:(إلا بالقضاء) ش: أي بقضاء القاضي.
م:(كالهبة لا توجب الملك إلا بمؤكد وهو القبض، والصلح) ش: أي صلح المرأة معه على شيء