وإذا قضى القاضي لها بنفقة الإعسار، ثم أيسر فخاصمته، تمم لها نفقة الموسر، لأن النفقة تختلف بحسب اليسار والإعسار، وما قضي به تقدير لنفقة لم تجب.
ــ
[البناية]
قريب، ثم اعلم أن العجز عن الإنفاق لا يوجب التفريق عندنا، ولكن مع هذا إذا فرق القاضي بينهما، هل ينفذ قضاؤه أم لا؟
قال الإمام أبو حفص محمد بن محمود الإستروشني في الفصل الثاني في القضاء في المجتهدات من كتاب الفصول: إذا ثبت العجز بشهادة الشهود فإن كان القاضي شافعي المذهب، وفرق بينهما، نفَّذ قضاءَه بالتفريق، وإذا كان حنفيًا لا ينبغي له أن يقضي بخلاف مذهبه إلا أن يكون مجتهدًا، أو وقع اجتهاده على ذلك قضى مخالفًا لرأيه من غير اجتهاد.
فعن أبي حنيفة روايتان في جواز قضائه، ولم يقض، ولكن أمر شافعي المذهب ليقضي بينهما في هذه الحادثة بمقتضى التفريق إذا لم يرتش، الآمر والمأمور بأن كان الزوج غائبًا، فرفعت المرأة الأمر إلى القاضي، وأقامت البينة أن زوجها الغائب عاجز عن النفقة، وطلبت من القاضي أن يفرق بينهما. قال مشايخ سمرقند: جاز تفريقه لأنه قضاء في فصلين مختلف فيهما التفريق بسبب العجز عن النفقة والقضاء على الغائب. وكل واحد منهما مجتهد فيه.
وقال القاضي ظهير الدين المرغيناني: لا يصح هذا التفريق؛ لأن القضاء إنما يجوز عند الشافعي، وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة إذا ثبت المشهور به عند القاضي، وهو العجز؛ لأن المال غاد ورائح، ومن الجائز أن الغالب هنا صار غنيًا، ولم يعلم به الشاهد لما بينهما من المسافة.
وقال صاحب " الذخيرة ": الصحيح أنه لا ينفذ قضاؤه، لأن العجز لا يعرف حالة الغيبة لجواز أن يكون قادرًا، إن كان هذا ترك الإنفاق لا بالعجز عن الإنفاق، فإن رفع هذا القضاء إلى قاض آخر، فإن جاز قضاؤه فالصحيح أنه لا ينفذ، لأن هذا القضاء ليس في مجتهد فيه لما ذكرنا أن العجز لم يثبت.
م:(وإذا قضى القاضي لها بنفقة الإعسار، ثم أيسر فخاصمته تمم لها نفقة الموسر) ش: أي تمم القاضي لها نفقة الرجل الموسر. م:(لأن النفقة تختلف بحسب اليسار والإعسار) ش: لأنها تجب شيئًا فشيئًا فيعتبر حالها في كل وقت. م:(وما قضي به) ش: كلمة ما مبتدأ وقضي مجهول ويجوز أن يكون معلومًا، أي ما قضى به القاضي، والضمير في به يرجع إلى المبتدأ وهو قوله. م:(تقدير) ش: بالرفع خبر المبتدأ، وهو قوله ما وهي موصولة بمعنى الذي فافهم. وهذا جواب عما يقال ينبغي أن لا يتمم لها نفقة اليسار لأن فيه نقض القضاء الأول، فأجاب بأن ما قضى به تقدير. م:(لنفقة لم تجب) ش: لأن النفقة تجب شيئًا فشيئًا، وتقدير ما ليس بواجب لا يكون لازمًا لجواز متبدل السبب الموجب قبل وجوبه، فإذا لم يكن لازمًا فنحكم فيه حكم الحاكم.