ألا ترى أنه ينتفع به حراسة؛ واصطيادا، بخلاف الخنزير؛ لأنه نجس العين إذ الهاء في قَوْله تَعَالَى:{فَإِنَّهُ رِجْسٌ}[الأنعام: ١٤٥](الأنعام: الآية ١٤٥) منصرف إليه لقربه،
ــ
[البناية]
وقال الكاساني: والذي يدل على أنه ليس بنجس العين أنه جوز الانتفاع به حراسة واصطيادا وإجارة، وقال في " عمدة المعين ": لو استأجر الكلب للصيد يجوز، والسنور لا يجوز؛ لأن السنور لا يعلم. وقال في " التجريد ": لو استأجر كلبا معلما أو بايا صيودا ليصيد بهما فلا أجر له. وقال مشايخنا: ومن صلى وفي كمه جرو كلب تجوز صلاته، وقد حكم أبو حصير [ ... ] فدل على أنه ليس بنجس العين.
م:(ألا ترى) ش: كلمة ألا بفتح الهمزة وتخفيف اللام للتنبيه والتوضيح م: (أنه) ش: أي أن الكلب م: (ينتفع به حراسة) ش: أي من حيث الحراسة سيما أهل البر م: (واصطيادا) ش: أي من حيث الاصطياد، فدل ذلك على أنه ليس نجس العين، ولا يشكل بالسرقين فإنه نجس لا محالة، وينتفع به إيقادا أو غيره؛ لأنه انتفاع بالإهلاك كالدنو من الخمر للإراقة، وهو الذي اختاره المصنف أيضا.
والذين ذهبوا إلى أنه نجس العين استدلوا بما ذكر أبو يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " العيون " أن الكلب لو وقع في الماء فانتفض فأصاب ثوب إنسان منه أكثر من قدر الدرهم منع جواز صلاته، فسئل: إذا وصل الماء إلى جلده، ويقول محمد: ليس الميت بأنجس من الكلب والخنزير، فدل على أنه نجس العين، وهو اختيار شمس الأئمة السرخسي.
وقال الأترازي: لا نسلم أن نجاسته تثبت في الكلب لهذا القدر من الكلام، فمن ادعى ذلك فعليه البيان، ولم يرد نص عن محمد في نجاسة العين.
قلت: قد ذكرنا الآن عن صاحب " الذخيرة " عن القدوري أنه نجس العين عند محمد.
م:(بخلاف الخنزير) ش: متصل بقوله: إلا جلد الخنزير م: (لأنه نجس العين إذا الهاء في قوله: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ}[الأنعام: ١٤٥] ش: كلمة إذ للتعليل أي لأن الهاء هاء الضمير في قَوْله تَعَالَى: فإنه أي فإن الخنزير {رِجْسٌ}[الأنعام: ١٤٥] أي قذر قاله الفراء، وقيل: الرجس والرجز واحد. وقال البغوي: الرجس النجاسة.
م: (منصرف) ش: خبر المبتدأ وهو قوله الهاء م: (إليه) ش: أي إلى الخنزير لا إلى اللحم في قَوْله تَعَالَى: {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ}[الأنعام: ١٤٥](الأنعام: الآية ١٤٥) م: (لقربه) ش: أي لقرب الخنزير أراد أن الضمير إلى الخنزير أقرب من اللحم.
فإن قلت: المقصود بالذكر في الكلام هو المضاف فيجب أن يرجع الضمير إليه.