وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: نجس لأنه من أجزاء الميتة، ولنا أنه لا حياة فيهما، ولهذا لا يتألم بقطعهما فلا يحلهما الموت
ــ
[البناية]
قال إمام الحرمين: القياس نجاسته، لكن الإجماع على طهارته، وإن كان نحر مجوسي وإن الفضل ذلك ينتف بنفسه فهو نجس على وجه، ولا يطهر إلا المجزور وفي وجه: إن سقط بنفسه فطاهر وإن نتف فنجس. م:(ولنا أنه لا حياة فيهما) ش: الضمير في أنه ضمير الشأن، وفي فيهما يرجع إلى أجزاء الميتة م:(ولهذا لا يتألم بقطعهما) ش: أي ولأجل عدم الحياة في أجزاء الميتة لا يتألم الحيوان بقطع هذه الأجزاء، ألا ترى أنه إذا قص ظلفه أو حافره أو نشر قرنه لا يؤثر لا يؤثر فيه م:(فلا يحلهما الموت) ش: هذا حجة المدعي وأصل القضية يرجع إلى قولنا: هذا الشيء لا حياة فيه؛ لأنه لا يتألم بقطعه، وكل ما لا يتألم بقطعه لا حياة فيه، فهذا الشيء لا حياة فيه، وأما كونه طاهرا أو غير طاهر على الاختلاف، فهو حكم يترتب عليه. وفي " المبسوط ": هذا الاختلاف بناء على أن لا حياة للشعر والعظم عندنا.
وقال الشافعي: فيهما حياة، وقال مالك: في العظم حياة دون الشعر، وعن مالك: إذا ذكي الفيل فعظمه طاهر، وأورد بأن الحيوان يتألم بكسر العظم فيكون فيه الحياة، وأجيب بأن تألمه بذلك للاتصال باللحم.
فإن قيل: قال الله تعالى: {مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ}[يس: ٧٨](يس: الآية ٧٨) يدل على حصول الحياة فيها. وأجيب بأن هذا مثل قَوْله تَعَالَى:{يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}[الروم: ٥٠] فلا يدل على سبق الحياة فيها، والمراد به أصحاب العظام بإنبات اللحم عليها وفطرتها وإعادة الأرواح إلى الأجساد، فلا يدل على حقيقة حياة العظم.
وقال صاحب " الكشاف ": يردها غضة رطبة في بدن حساس أو يكون إحياؤها في الآخرة، فعليه يجعل الحياة في نفس العظم وأحوال الآخرة لا تضاهي أحوال الدنيا.
فإن قلت: نفس هذه الأجزاء ميتة فتكون نجسة لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}[المائدة: ٣](المائدة: الآية ٣) ، قلت: الميتة عبارة عما فارقته الحياة بلا ذكاة، وهذا الأشياء لا حياة فيها لما بينا، والمراد من الآية حرمة الأكل، فلا يلزم من ذلك حرمة الانتفاع، والدليل عليه حديث ميمونة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - المذكور فيما مضى.
فإن قلت: في هذه الأشياء رطوبة، قلت: نحن نقول بنجاستها، فإذا غسلت وأزيل عنها الدم المتصل والرطوبة النجسة طهرت.