للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

قلت: هذا النماء لا يدل على الحياة الحقيقية كما في النبات والشجر، قولك: ينمو بنماء الأصل غير مسلم؛ لأنه قد ينمو مع نقصان الأصل، كما إذا ذهل الحيوان بسبب مرض وطال شعره، وفي " النهاية " وبين الناس كلام في السن أنه عظم أو طرف عصب يابس، فإن العظم لا يحدث في البدن بعد الولادة، وتأويل قَوْله تَعَالَى: {مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ} [يس: ٧٨] (يس: الآية ٧٨) النفوس. وفي العصب روايتان في إحداهما فيه حياة لما فيه من الحركة، وينجس بالموت، ألا ترى أنه يتألم الحي بقطعه بخلاف العظم. انتهي.

فإن قلت: إذا طحن سن الآدمي مع الحنطة لا يؤكل.

قلت: ذلك لحرمة الآدمي لا لنجاسته. وفي " فتاوى قاضي خان ": إذا صلى وفي عنقه قلادة فيها سن كلب أو ذئب تجوز صلاته. ولو صلى ومعه جلد حية أكثر من قدر الدرهم لا تجوز صلاته وإن كانت مذبوحة لأن جلدها لا يحتمل الدباغ، فلا تقوم الذكاة مقام الدباغ.

وأما قميص الحية ففيه اختلاف المشايخ، قيل: إنه نجس، وقيل: إنه طاهر، ذكره الحلوائي، وأشار إلى أن الصحيح أنه طاهر، فإن عين الحية طاهر حتى لو صلى ومعه حية غير ميتة يجوز، فإذا كان عينها طاهرا كان قميصها طاهرا.

ولو صلى ومعه لحم آدمي مذبوح أكثر من قدر الدرهم جازت صلاته بخلاف الثعلب؛ لأن ما كان سؤرها نجسا لا يطهر لحمه بالذكاة، وما كان طاهرا يطهر، ولو خرجت البيضة من الدجاجة الحية فوقعت في الماء، قيل: إن كانت يابسة لا يفسد الماء مطلقا ما لم يعلم أن عليها قذرا؛ لأن رطوبة المخرج ليست بنجسة. فلهذا قالوا بأن مجرى البول طاهر حتى يطهر موضع المني بالفرك. وفي " الذخيرة ": أسنان الكلب طاهرة إذا كانت يابسة، ولو صلى معها جازت صلاته، وأسنان الإنسان نجسة إذا سقطت ولو صلى معها لا تجوز.

وحكى الفقيه أبو جعفر عن بعض المتقدمين من أصحابنا أن من أثبت مكان أسنانه أسنان كلب تجوز صلاته، وأسنان الآدمي لا تجوز صلاته، وهذا غريب، والفرق أن الكلب تقع عليه الذكاة فعظمه طاهر، بخلاف الآدمي والخنزير، عن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - سن الإنسان طاهر في حق نفسه نجس في حق غيره حتى لو أثبتها في مكانها جازت صلاته، ولو أثبت سن غيره لا يجوز، ولو جر السن تنجس لم يجز كمن أثبته ونزعه؛ لأنه صار باطنا خلفة وسقط حكم نجاسته.

ودم الشهيد ما دام عليه فهو طاهر تجوز الصلاة عليه معه، فإذا زال صار نجسا. وماء فم الميت قيل: نجس، وماء فم النائم: طاهر عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - وعليه الفتوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>