للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

والبصرة ولم يبق بمكة إلا القليل وانتشروا في البلاد للولايات والجهاد وسمع الناس منهم ونشر العلم على أيديهم في جميع البلاد الإسلامية، ولا ينكر هذا إلا مكابر أو صاحب بدعة وعصبة.

فإن قلت: قد قال النووي أيضا: فإن صح هذا فإنه يحمل على أن دمه غلب على الماء فغيره.

قلت: هذا أيضا فاسد من وجوه.

الأول: الغالب أن من وقع في الماء يموت من حينه ولا يخرج منه دم، فضلا عن أن يغلب على الماء فيغيره ولا سيما ماء زمزم لكثرته.

الثاني: أنها لما نزحوها جاءتهم عين من الركن فغلبتهم فسدوها ونزحوها حتى انفجرت العين فقال: حسبكم، فكيف يتصور أن يغلب دم شخص واحد ماء زمزم حتى نزحوها مرة بعد أخرى.

الثالث: قال الراوي: فمات فيها زنجي، فأمر ابن عباس بأن تنزح فجعل علة نزحها موته دون غلبة دمه كقولهم: زنى ماعز فرجم، علة قتله زناه وليست ردة ولا قتل نفس.

فإن قلت: يحمل الأمر على الاستحباب.

قلت: مطلق الأمر للوجوب.

فإن قلت: جاءت الآثار في بئر زمزم لا تنزح ولا تردم.

قلت: ليس في حديث ابن عباس وابن الزبير أنهما قدرا على استعمال الماء بالنزح حتى يكون مخالفا للآثار التي جاءت بأنها لا تنزح بل تنزح في رواية ابن أبي شيبة بأن الماء يقطع، وفي رواية البيهقي بأن العين غلبتهم حتى سدت بالقباطي والمطارف، وجعل السهيلي حديث الحسن مؤيدا لما روي في صفتها أنها لا تنزح.

ثم نذكر تفسير ما وقع في هذا الموضع من الألفاظ التي يحتاج إلى تفسيرها، قوله: زنجي نسبة إلى الزنج، وهم خيل من السودان، وجاء فيه كسر الزاي، وفي رواية الطحاوي وغيره حبشي منسوب إلى الحبش وهم جنس من السودان مشهور. وقال السهيلي: بنو حبش بن كوش ابن حام بن نوح - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. وجاءني في رواية الطحاوي: فوقع غلام في زمزم ويمكن أن يكون هذا الغلام زنجيا أو حبشيا.

وزمزم بئر بمكة أصلها مزبير وهو أهل المصر ركضه جبريل - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. والمطرف بكسر الميم وفتح الراء وتضم أيضا، والجمع على مطارف، وهي أردية من حزمة لعدلها أعلام. والقباطي جمع قبط وهي الثوب من ثياب مصر رقيقة بيضاء، وكأنه منسوب إلى القبط، وضم القاف من

<<  <  ج: ص:  >  >>