للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: يؤخذ في هذا الحكم بقول رجلين لهما بصارة في أمر الماء، وهذا أشبه بالفقه، وإن وجدوا في البئر فأرة أو غيرها ولا يدرى متى وقعت في البئر ولم تنتفخ أعادوا صلاة يوم

ــ

[البناية]

فإن قيل: قدر أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - مدة البلوغ بالسن ثمانية عشر للغلام، وسبع عشرة للجارية بالرأي، وكذا قدر موت الفأرة الواقعة في البئر يوم وليلة وقدر تفسخها ثلاثة أيام بالرأي.

أجاب عنه السرخسي - رَحِمَهُ اللَّهُ - بأن الممنوع في المقادير التي تثبت لحق الله تعالى ابتداء دون المقادير المتردد بين القليل والكثير كالميل في التيمم كما ذكر في هذا الباب.

فإن قلت: ما نحن فيه من قبيل ما تردد فيه بين القليل والكثير فكيف يتم ما ذكرتم من التعليل؟

قلت: أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنما يقدر ما تردد بين القليل والكثير بالرأي إذا لم تمكن معرفته بالرجوع إلى أحوال بالاستقلال والاستكثار. أما إذا أمكن فلا كما فيما نحن بصدده، ألا ترى أنه جعل الشهر فيما فوق كثيرا وما دونه قليلا وصرف الحين والزمان إلى ستة أشهر والأيام والشهور والأعياد والسنين إلى عشر من صنف.

م: (وقيل) ش: قائله أبو نصر بن محمد بن سلام م: (يؤخذ في الحكم بقول رجلين) ش: إذا قالا: ماء هذا البئر مائة دلو، أو مائتا دلو ولو نزح ذلك القدر؛ لأن الأخذ بقول الغير هو المرجح فيما لم يشتهر من الشرع فيه تقدير، قال الله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣] (النحل: الآية ٤٣) كما في جزاء الصيد حيث قال: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: ٩٥] (المائدة: الآية ٩٥) ، والشهادة حيث قال: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] (الطلاق: الآية ٢) .

م: (لهما بصارة في أمر الماء) ش: هذه جملة من المبتدأ المتقدم والخبر وقعت صفة لرجلين و" البصارة" بفتح الباء الموحدة، وهو مصدر من بصر يبصر بضم الصاد وبصر بالشيء علمه، والبصير العالم، والمعنى لهما بصارة أي علم بأمر البئر وحذاقة وخبرة.

م: (وهذا أشبه بالفقه) ش: أي بالمعنى المستنبط من الكتاب وسننه ففي الكتاب، الاثنان نصاب الشهادة الملزمة لما ذكرها، وفي البينة شاهدان أو يمينه، ويقال: معنى قوله: وهذا أشبه بالفقه، أي بقول الفقهاء حيث اعتبروا قول رجلين في قيم الأشياء.

م: (وإن وجدوا) ش: أي أصحاب البئر أو المصلون م: (في البئر فأرة أو غيرها) ش: من الحيوان م: (ولا يدرى متى وقعت في البئر) ش: وهي جملة وقعت حال من الفأرة، والأوجه أن تكون صفة لفأرة، وقيد به لأنهم إذا علموا زمان الوقوع يحكم بالنجاسة من ذلك الوقت بالاتفاق، م: (ولم ينتفخ) ش: جملة وقعت حالا والواو فيه واو الحال. وقوله: ولم تنتفخ عطف على الجملة الحالية م: (أعادوا) ش: جواب المسألة أي أعاد أصحاب البئر والمصلون م: (صلاة يوم

<<  <  ج: ص:  >  >>