للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

طهارة عرقهما للحرج كما ذكرنا في " المبسوط " و" الذخيرة ". عرق البغل والحمار ولعابهما طاهر في الصحيح. وذكر في " الذخيرة " عن أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله -: لو سقط لعابهما أو عرقهما في الماء أفسده، أراد أنه لا يبقى طهورا، وروى الحسن بن أبي مالك عن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن عرق الحمار ينجس الماء، وعنه أن لعابهما وعرقهما نجس نجاسة حقيقية. وروى الكرخي عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن سؤر الحمار نجس لأنه لا يخلو عن قليل دم لما يلحقه من التعب وحمل الأثقال. وفي " المفيد " أن لعابه ينجلب من لحمه فيكون فيه قليل دم لتخلله من اللحم الممتزج بالدم، إلا أنه سقط في حق الآدمي للحرج كيلا يتنجس مأكوله ومشروبه، وكذا ما يؤكل لحمه إلحاقا به.

ومن المشايخ من قال بنجاسة سؤر الحمار دون الأتان لأن الحمار يتنجس فمه بشم البول. قال في " البدائع ": هذا موهوم فلا يتنجس. قال قاضي خان: الأصح أنه لا فرق بينهما، وقال قاضي خان: في لعابه وعرقه ثلاث روايات عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رواية: نجس نجاسة غليظة، وفي رواية أخرى: حقيقة، وفي رواية أخرى: لا يمنع جواز الصلاة وإن فحش وعليها الاعتماد، وفي " جامع البرامكة " عن أبي يوسف أن أبا حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال: لعاب ما لا يؤكل لحمه من الدواب وعرقه يفسد الثوب إذا زاد على قدر الدرهم، فجعل نجاسة غليظة، وهذا يوافق رواية الكرخي عنه، وعن أبي يوسف: لا يفسده حتى ينجس. وفي " المحيط ": عرقهما ولعابهما لا يفسدان الثوب وإن فحشا للشك. وعن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - يفسدانه إذا فحشا للنجاسة اعتبارا بلحمهما. وفي " المنتقى " عن محمد أن لبن الأتان كلعابها وعرقها يفسدان الماء دون الثوب. وذكر أبو عبد الله البلخي أن سؤرهما نجس عند الحسن وزفر نجاسة خفيفة.

قال قاضي خان: هذه رواية عن زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ - وقيل: إذا نزى الحمار على الرمكة لا يكره لحم البغل المتولد بينهما، عن محمد فعلى هذا لا يصير الماء بسؤره مشكوكا فيه لأنهما قال الشراح: أي لأن اللعاب والعرق. وقال السغناقي: ذكر ضمير اللعاب وإن لم يذكر قبله؛ لأن السؤر هو مخالطة اللعاب فكان ذكر السؤر ذكرا له فصلح ذكر ضميره، وتبعه الأكمل في هذا وقال الأترازي: لا يقال كيف رجع الضمير إليهما واللعاب غير مذكور؛ لأن الشهرة قائمة مقام الذكر لأن السؤر لما كان ممتزجا باللعاب صار ذكر السؤر كذكر اللعاب.

قلت: هو ولأنه من إعادة الضمير إلى العرق والسؤر المذكورين مما قبله لأجل أن السؤر لا يتولد من اللحم، وقد صرح السغناقي وغيره أن السؤر متولد من اللحم على ما ذكرنا من قريب. وقولهم: إن ذكر السؤر ذكر اللعاب غير ظاهر لأن هذا بطريق اللزوم والاقتصار أو بطريق أن السؤر يطلق على اللعاب. وقول الأترازي: لأن الشهرة قائمة مقام الذكر. أقله ظهورا من

<<  <  ج: ص:  >  >>