وقيل: الصحيح أن شيئا من هذه المقادير ليس بلازم، ويفوض إلى رأي الملتقط يعرفها إلى أن يغلب على ظنه أن صاحبها لا يطلبها بعد ذلك، ثم يتصدق بها، وإن كانت اللقطة شيئا لا يبقى عرفها حتى إذا خاف أن يفسد تصدق به، وينبغي أن يعرفها في الموضع الذي أصابها، وفي المجامع فإن ذلك أقرب إلى الوصول إلى صاحبها، وإن كانت اللقطة شيئا يعلم أن صاحبها لا يطلبها كالنواة وقشور الرمان.
ــ
[البناية]
بعض بدليل أن شعب قال بالتعريف فيه مستحقة يقول: بعد عشر سنين عرفها عاماً واحداً، ويكون - عَلَيْهِ السَّلَامُ - علم أنه لم يقع تعريفها كما ينبغي فلم يجب له بالتعريف الأول.
م:(وقيل الصحيح) ش: أشار به إلى قول شمس الأئمة السرخسي، وقد ذكرناه عن قريب، ولهذا قال بعض أصحاب مالك وأصحاب أحمد - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - م:(أن شيئاً من هذه المقادير ليس بلازم، ويفوض إلى رأي الملتقط يعرفها إلى أن يغلب على ظنه أن صاحبها لا يطلبها بعد ذلك ثم يتصدق بها) ش: أي باللقطة.
م:(وإن كانت اللقطة شيئا لا يبقى) ش: قالوا في نسخ " الفتاوى ": وإن كانت اللقطة مما لا تبقى إذا مر عليه يوم أو يومان عرفها، فإذا خاف الفساد تصدق بها م:(عرفها حتى إذا خاف أن يفسد تصدق به) ش: كلمة حتى هنا بمعنى إلى، والمعنى عرفها إلى أن خاف فسادها أي تلفها فحينئذ يتصدق به.
والضمير في قوله: عرفها يرجع إلى اللقطة، أو في قوله: به يرجع إلى قوله: شيئاً م: (وينبغي أن يعرفها في الموضع الذي أصابها، وفي المجامع) ش: مجمع الناس كالأسواق وأبواب المساجد، وفي " الشامل ": والتعريف أن ينادي في الأسواق والمساجد من ضاع له شيء فليطلبه عندي م: (فإن ذلك) ش: أشار به إلى الموضع أصابه فيه م: (أقرب إلى الوصول إلى صاحبها) ش: لأن صاحبها يرجع إلى الموضع الذي نسيه فيه.
م:(وإن كانت اللقطة شيئاً يعلم أن صاحبها لا يطلبها كالنواة وقشور الرمان) ش: يعني في مواضع مختلفة، فجمعها حتى صارت بحكم الكثرة لها قيمة فلا اعتبار بقيمتها؛ لأنها ظهرت بصيغة وهي جمعه، وله الانتفاع بذلك، وذكر شيخ الإسلام: ولو كانت متفرقة جمعها للمالك أخذها، لأنه يصير ملكاً للأخذ بالجمع.
وكذا الجواب في التقاط المسائل، وبه كان يفتي الصدر الشهيد كذا في " الذخيرة " وفي " المحيط ": لو وجد النواة والصور في مواضع متفرقة يجوز الانتفاع بها، أما لو كانت مجتمعة في موضع فلا يجوز الانتفاع بها؛ لأن صاحبها لما جمعها فالظاهر أنه ما ألقى بها، بل سقطت منه.... انتهى.