يكون إلقاؤه إباحة حتى جاز الانتفاع به من غير تعريف، ولكنه يبقى على ملك مالكه؛ لأن التمليك من المجهول لا يصح قال: فإن جاء صاحبها وإلا تصدق بها إيصالا للحق إلى المستحق، وهو واجب بقدر الإمكان، وذلك بإيصال عينها عند الظفر بصاحبها، وإيصال العوض وهو الثواب على اعتبار إجازته التصدق بها، وإن شاء أمسكها رجاء الظفر بصاحبها.
ــ
[البناية]
وكلام المصنف يدل على شيئين أحدهما أنه إذا جمعها يجوز الانتفاع بها؛ لأنه علل بقوله: م: (يكون إلقاؤه إباحة) ش: أي إلقاء الشيء الذي يعلم أن صاحبه لا يطلبه يكون إباحة منه لمن يأخذه م: (حتى جاز الانتفاع به من غير تعريف) ش: لأنه حينئذ من الإباحات.
والثاني يدل على أنه لا يخرج من ملك مالكها أشار إليه بقوله: م: (ولكنه يبقى على ملك مالكه) ش: لأنه لم يخرج من ملكه فلا يكون ملكاً لمن أخذه م: (لأن التمليك من المجهول لا يصح) ش: فإذا وجده في يده الملتقط أخذ منه إن شاء، وفي " المبسوط " روى بشر عن أبي يوسف لو جز صوف شاة ميتة ملقاة كان له أن ينتفع به، ولو وجده صاحب الشاة في يده كان له أن يأخذه منه، ولو دفع جلدها كان لصاحبها أن يأخذ الجلد منه بعدما يعطيه ما زاد الدباغ فيه؛ لأن ملكه لم يزل بالإلقاء.
وفي " خلاصة الفتاوى ": التفاح والكمثرى والحطب في المال لا بأس أن يأخذها م: (قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -: م: (فإن جاء صاحبها) ش: أي صاحب اللقطة إن جاء بعد التعريف، وخبر إن محذوف تقديره دفعها إليه م:(وإلا) ش: أي وإن لم يجئ، يعني إذا لم يظفر الملتقط بصاحبها م:(تصدق بها) ش: والمسألة من القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - وتمامها فيه، فإن جاء صاحبها بعد ذلك فهو بالخيار إن شاء أمضى الصدقة وإن شاء ضمن الملتقط.
وشرح المصنف كلام القدوري بقوله م:(إيصالاً) ش: أي لأجل الإيصال م: (للحق إلى المستحق وهو) ش: أي إيصال الحق إلى المستحق م: (واجب بقدر الإمكان) ش: ليخرج من عهدته، ولما كان الإيصال أعم من أن يكون لصاحب الحق أو لغيره أوضح ذلك بقوله م:(وذلك) ش: أي إيصال الحق.
م:(بإيصال عينها) ش: أي عين اللقطة، م:(عند الظفر بصاحبها وإيصال العوض وهو الثواب على اعتبار إجازته) ش: أي إجازة صاحب اللقطة م: (التصدق بها، وإن شاء أمسكها رجاء الظفر بصاحبها) ش: أي باللقطة أي مستحقة، وإنما قيد به لأنه إذا لم يجز التصدق لا يكون الثواب له.