قال: فإن جاء صاحبها يعني بعد ما تصدق بها فهو بالخيار إن شاء أمضى الصدقة، ولو ثوابها؛ لأن التصدق وإن حصل بإذن الشرع لم يحصل بإذنه، فيتوقف على إجازته، والملك يثبت للفقير قبل الإجازة فلا يتوقف على قيام المحل بخلاف بيع الفضولي لثبوته بعد الإجازة فيه، وإن شاء ضمن الملتقط؛ لأنه سلم ماله إلى غيره بغير إذنه،
ــ
[البناية]
م:(قال: فإن جاء صاحبها يعني بعدما تصدق بها فهو) ش: أي صاحبها م: (بالخيار إن أمضى الصدقة وله ثوابها؛ لأن التصدق وإن حصل بإذن الشرع) ش: حيث جاء في حديث أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أخرجه البزار «فإن جاء صاحبها فليرده إليه، وإن لم يأت فليتصدق به.....» الحديث.
فهذا التصدق وإن حصل بإذن الشرع م:(لم يحصل بإذنه) ش: أي بإذن صاحبها الذي هو المالك، فإن كان كذلك م:(فيتوقف على إجازته) ش: أي إجازة صاحب الصدقة م: (والملك يثبت للفقير) ش: هذا جواب عن سؤال مقدر تقديره أن يقال لما توقف فعاد التصدق على إجازته فينبغي أن يشترط وجود المحل عند الإجازة، لكن لا يشترط حتى إذا هلك المال في يد الفقير، ثم أجاز المالك جاز، وتقدير الجواب أن الملك ثبت للفقير م:(قبل الإجازة) ش: لأن الملتقط لما أذن له الشرع في التصدق ملكه الفقير؛ لأن الصدقة من أسباب الملك م:(فلا يتوقف) ش: أي ثبوت الملك م: (على قيام المحل) ش: حتى لو هلك المال في يد الفقير تجوز الإجازة.
فإن قيل: لو ثبت الملك للفقير فالأخذ ينبغي أن لا يأخذه المالك إذا كان قائماً في يده.
قلنا: ثبوت الملك لا يمنع صحة الاسترداد كالواهب يملك الرجوع بعد ثبوت الملك للموهوب له. وكالمرتد لو عاد من دار الحرب مسلماً بعد قسمة ماله بين ورثته، فإنه يأخذ ما وجده قائماً بعد ثبوت الملك لهم م:(بخلاف بيع الفضولي) ش: حيث يشترط فيه الإجازة قيام المحل م: (لثبوته) ش: أي لثبوت الملك م: (بعد الإجازة) ش: أي بعد إجازة المالك م: (فيه) ش: أي في بيع الفضولي، وإذا أجاز المالك بيع الفضولي يشترط لصحة الإجازة قيام الأربعة: المالك والمتعاقدان والمقصود عليه إن كان الثمن ديناً. وسيجيء بيانه إن شاء الله تعالى في باب البيوع. م:(وإن شاء ضمن الملتقط) ش: هذا عطف على قوله إن شاء أمضى الصدقة م: (لأنه) ش: أي لأن الملتقط م: (سلم ماله إلى غيره بغير إذنه) ش: أي سلم مال صاحب اللقطة إلى غيره بغير إذن منه فله أن يضمنه، وبه قال مالك والثوري والحسن بن صالح.
وقال الشافعي وأحمد فإذا لم يجئ بعد التعريف ملكها الملتقط بحكم القاضي، وصارت من ماله كسائر أمواله غنياً كان الملتقط أو فقيراً، وروي مثله عن عمر وابن مسعود وحارث - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وبه قال عطاء والنخعي وابن المنذر واحتج الشافعي وأحمد بحديث زيد بن