ثم قيل: كراهته لحرمة لحمه، وقيل: لعدم تحاميها النجاسة وهذا يشير إلى التنزه، والأول إلى القرب من التحريم، ولو أكلت الفأرة ثم شربت على فوره الماء تنجس الماء إلا إذا مكثت ساعة لغسلها فمها بلعابها، والاستثناء على مذهب أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وأبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -
ــ
[البناية]
سؤر الهرة يروى عن ابن عمر وسعيد بن المسيب والحسن وابن سيرين وعطاء ومجاهد ويحيى بن سعيد وابن أبي ليلى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.
م:(ثم قيل: كراهته لحرمة لحمه) ش: قائله الإمام أبو جعفر الطحاوي أي كون كراهة سؤر الهرة لأجل أن لحمها حرام لأنها عدت من السباع.
م:(وقيل لأجل عدم تحاميها النجاسة) ش: قائله الكرخي - رَحِمَهُ اللَّهُ - يعني كراهة سؤرها لأجل عدم احترازها عن النجاسة؛ لأنها تأكل الفأرة والجيفة وفمها لا يخلو عن النجاسة عادة.
م:(وهذا يشير إلى التنزه) ش: أي ما قاله الكرخي يدل على أن سؤرها مكروه كراهة تنزيهية وهو الأصح والأقرب إلى موافقة الحديث حيث قال فيه إنها ليست بنجس م: (والأول) ش: أي ما قاله الطحاوي م: (إلى القرب من التحريم) ش: وكلام المصنف أولا يدل على أنه أقرب إلى التحريم وبينهما تناقض ظاهر ويمكن دفعه بأن يقال: إن الحديث الذي فيه أنها ليست بنجس يدل على الطهارة.
وقوله: - الهرة سبع - يدل على النجاسة فدار أمر سؤرها بين الشيئين فالكرخي قال: كراهة تنزيه أخذا بالحديث الأول ولم يقل بالطهارة مطلقا من غير كراهة لعدم تجانبها النجاسة والطحاوي أخذ بالثاني ولم يقل بحرمته مطلقا لمعارضة الحديث الأول إياه، وأشار بهذا إلى أن الحرمة الأصلية باقية لنهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن أكل كل ذي ناب من السباع.
فإن قلت: كيف تقول الحرمة الأصلية باقية لنهيه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إنها ليست بنجس؟ قلت: إنما قال ذلك للضرورة؛ لأن لها حق الشرب من الأواني، ولهذا قال: إنها من الطوافين والطوافات وهم الخدم والمماليك ومن يخدم أهل البيت كما ذكرناه، وقد سقط الحجاب في حقهم للضرورة ومع قيام الحرمة الأصلية.
م:(فلو أكلت فأرة ثم شربت على فورها الماء) ش: أي لو أكلت الهرة فأرة ثم شربت على فورها الماء يعني قبل أن يسكن، قال الجوهري: يقال أتيت فلانا من فوري أي قبل أن أسكن، وفي بعض النسخ على فوره أي على فور الأكل أي عقبه من غير تراخ.
م:(يتنجس الماء بالإجماع) ش: وفي " المجتبى " وكذا لو شربت الخمر ثم شربت الماء على الفور يتنجس الماء بالإجماع م: (إلا إذا مكثت ساعة لغسلها فمها بلعابها والاستثناء) ش: من قوله: يتنجس الماء ولكنه م: (على مذهب أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وأبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: لأن عند محمد وزفر