للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: والأعواض المشار إليها لا يحتاج إلى معرفة مقدارها في جواز البيع؛ لأن بالإشارة كفاية في التعريف وجهالة الوصف فيه

ــ

[البناية]

حنيفة ومحمد بن الحسن، فإنهم قالوا: المراد من قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: "ما لم يتفرقا"، هو التفرق بالأقوال، فإذا قال البائع: قد بعت، وقال المشتري: قد اشتريت، فقد تفرقا، ولا شيء لهما بعد ذلك الخيار، ويتم به البيع ولا يقدر المشتري على رد البيع إلا بخيار الرؤية، أو خيار العيب أو خيار الشرط، أي شرطه.

وقال عيسى بن أبان: الفرقة التي تقطع الخيار في حديث هي الفرقة بالأبدان، ولكن فسره بقوله: إن الرجل إذا قال للرجل: قد بعتك عبدي بألف درهم فللمخاطب بذلك القول أن يقبل ما لم يفارقه صاحبه، فإذا افترق لم يكن له بعد ذلك أن يرجعه، لولا أن هذا الحديث جاء ما علمنا ما نقطع به للمخاطب من قبول المخاطبة التي خاطبه بها صاحبه، وأوجب له بها البيع فلما جاء هذا الحديث، علمنا أن افتراق أبدانهما بعد المخاطبة بالبيع يقطع قبول تلك المخاطبة، وقد روي هذا التفسير عن أبي يوسف، وقاله الطحاوي.

وقال آخرون: هذه التفرقة المذكورة في هذا الحديث هي الفرقة بالأبدان، فلا يتم البيع حتى يكون، فإذا كانت تم البيع.

قلت: أراد بالآخرين سعيد بن المسيب، والزهري، وعطاء بن أبي رباح، وابن أبي ذئب، وسفيان بن عيينة، والأوزاعي، والليث بن سعد، وابن أبي ليلى، والحسن البصري، وهشام بن يوسف، وابن عبد الرحمن، وعبد الله بن حسن القاضي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبا ثور، وأبا عبيد، وأبا سليمان، ومحمد بن جرير الطبري، وأهل الظاهر.

وقال الأوزاعي: حد التفرق أن يغيب كل واحد منهما عن صاحبه حتى لا يراه وقال عياض: قال الليث: هو أن يقوم أحدهما، وقال آخرون: هو افتراقهما من مجلسهما أو نقلهما.

م: (قال) ش: أي القدوري: م: (والأعواض المشار إليها لا يحتاج إلى معرفة مقدارها في جواز البيع) ش: أراد بذلك ما تبع العقد عليه سواء كان من النقدين أو غيرهما، وسواء كانت ثمنا أو مثمنا بعد أن لم يكن في الأموال الربوية، فإنها إذا بيعت بجنسها عند جهالة مقدارها لا يجوز، وإن أشار إليها لاحتمال الربا.

والتقييد بالبيع احتراز عن السلم، فإن رأس المال فيه إذا كان مكيلا أو موزونا يشترط معرفة مقداره في جواز السلم عند أبي حنيفة، كما يجيء، ولا يكتفي بالإشارة م: (لأن بالإشارة كفاية في التعريف، وجهالة الوصف فيه) ش: أي جهالة القدر في العوض المشار إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>