م:(أو يحتمله فيحمل عليه) ش: أي أو يحتمل ما قاله الخصم، ويحتمل ما قلنا وما قلناه راجح لما ذكرنا أنه حقيقة، والحمل عليه أولى، ولا يقال العقود الشرعية في حكم الجواهر، فيكونان متبايعين بعد وجود كل كلاميهما؛ لأن الباقي بعد كلاميهما حكم كلاميهما شرعا لا حقيقة كلاميهما، والكلام في حقيقة الكلام.
م:(والتفرق فيه تفرق الأقوال) ش: أي التفرق المذكور في الحديث تفرق الأقوال، وقال الأكمل: هذا جواب عما قال: التفرق عرض فيقوم بالجوهر، ولقائل أن يقول: حمل التفرق على ذلك يستلزم قيام العرض بالعرض وهو محال بإجماع أهل السنة فيكون إسناد التفرق إليهما مجازا فما وجه ترجيح مجازكم على مجازهم؟ وأجيب بأن إسناد التفريق والتفرق إلى غير الأعيان سائغ وشائع، فصار بسبب فشو الاستعمال فيه بمنزلة الحقيقة، قال الله تعالى:{وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}[البينة: ٤](البينة: الآية ٤) وقال تعالى: {لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}[البقرة: ٢٨٥](البقرة: الآية ٢٨٥) .
والمراد التفرق في الاعتقاد، وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة» وهو أيضا في الاعتقاد، وفيه نظر؛ لأن المجاز باعتبار ما يئول إليه، أو ما كان عليه أيضا، كذلك على أن ذلك يصح على مذهب أبي يوسف ومحمد لا على مذهب أبي حنيفة.
فإن الحقيقة المستعملة أولى من المجاز المتعارف عنده، ولعل الأولى أن يقال: حمله على التفرق بالأبدان رد إلى جهالة، إذ ليس له وقت معلوم، ولا غاية معروفة، فيصير من أشباه بيع المنابذة والملامسة وهو مقطوع بفساده، وهذا معنى قول مالك: ليس لهذا الحديث حد معروف.
وفي " المبسوط " راوي حديث مالك وابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ومذهبه أن خيار المجلس لا يثبت، وعمل الراوي بخلاف الحديث دليل ضعفه، ولهذا قال ابن العربي: قال مالك: ليس لهذا الحديث عندنا حد معروف، ولا أمر معمول به.
وقال الأكمل: أو نقول: التفريق يطلق على الأعيان والمعاني بالاشتراك اللفظي، وترجيح جهة التفرق بالأقوال بما ذكرنا من أداء حمله على التفرق بالأبدان إلى الجهالة.
وقال الطحاوي: اختلف الناس في تأويل قول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا» . فقال قوم هذا على الافتراق بالأقوال، ثم بسط الكلام فيه.
قلت: في شرحي الذي سميته " نخب الأفكار في تنقيح مبان الأخبار في شرح معاني الآثار " أراد بالقول هو لإبراهيم النخعي وسفيان الثوري في رواية، وربيعة الرأي ومالكا وأبا