ولنا ما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أنه نهى عن بيع النخل حتى يزهى، وعن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة» ولأنه حب منتفع به فيجوز بيعه في سنبله كالشعير، والجامع كونه مالا متقوما بخلاف تراب الصاغة؛ لأنه إنما يجوز بيعه بجنسه لاحتمال الربا، حتى لو باعه بخلاف جنسه جاز، وفي مسألتنا لو باعه بجنسه لا يجوز أيضا، لشبهة الربا؛ لأنه لا يدري قدر ما في السنابل.
ــ
[البناية]
ودينار؛ لأن التراب ليس بمال يتقوم، وتراب الصاغة هو التراب الذي فيه برادة الذهب والفضة، والصاغة: جمع صائغ، ووجه المشابهة بينهما استتاره بما لا منفعة فيه.
م:(ولنا ما روي «عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه نهى عن بيع النخل حتى يزهى، وعن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة» ش: هذا الحديث رواه الأئمة الستة غير البخاري، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن بيع النخيل» .... إلى آخره نحوه، ولا آخره نحوه نهى البائع والمشتري، قوله: حتى يزهى أي يحمر أو يصفر.
وقال أبو زيد والكسائي: زهى يزهو وأزهى يزهى بمعنى، أي احمر الثمر أو اصفر، وقال أبو عبيد: أنكر الأصمعي أزهى ونقل الزمخشري في فائقه عن كتاب العبن يزهو خطأ، إنما هو، يزهى، قوله: العاهة أي الآفة.
م: (ولأنه) ش: أي وبمعنى المذكور من الحبوب م: (حب منتفع به) ش: وهذا كأنه جواب عن قوله: إن المعقود عليه مستور بما لا نفع فيه، وتقريره لا نسلم أنه لا منفعة له بل هو حب منتفع به، ومن أكل الفوائت يشهد بذلك، وأن الحبوب المذكورة تدخر في قشرها، قال الله تعالى:{فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ}[يوسف: ٤٧] وهو الانتفاع لا محالة م: (فيجوز بيعه في سنبله كالشعير) ش: في سنبله، فإنه يجوز بالاتفاق م:(والجامع) ش: يعني في تشبيه بيع الحنطة في قشرها، وبيع الشعير في سنبله م:(كونه) ش: أي كون كل واحد منهما م: (مالا متقوما، بخلاف تراب الصاغة؛ لأنه إنما لا يجوز بيعه بجنسه لاحتمال الربا، حتى لو باعه بخلاف جنسه جاز) ش: لعدم ذلك الاحتمال، وقال محمد في الأصل: فإن كان تراب ذهب بتراب فضة فهو جائز، وكل واحد منهما بالخيار إذا رأى ما فيه.
واعلم أن بيع تراب الصاغة بخلاف الجنس إنما يجوز إذا وجد فيه الذهب أو الفضة وإذا لم يوجد فلا، ألا ترى إلى ما قال في الفتاوي الولوالجي: رجل اشترى تراب الصواغين بعرض فهذا على وجهين: إن وجد فيها ذهبا أو فضة جاز البيع؛ لأنه تبين أنه اشترى الذهب والفضة بالعروض وإن لم يجد فيها ذهبا أو فضة لا يجوز.
م:(وفي مسألتنا) ش: المتنازع فيها م: (لو باعه بجنسه) ش: أي لو باع حب الحنطة في السنبل بالحنطة م: (لا يجوز أيضا لشبهة الربا؛ لأنه لا يدري قدر ما في السنابل) .