للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن باع دارا دخل في البيع مفاتيح أغلاقها؛ لأنه يدخل فيه الأغلاق؛ لأنها مركبة فيها للبقاء، والمفتاح يدخل في بيع الغلق من غير تسميته؛ لأنه بمنزلة بعض منه إذ لا ينتفع به بدونه.

ــ

[البناية]

ش: فإن قيل: ما الفرق بين مسألتنا وبين ما إذا باع حب قطن بعينه أو نوى تمرٍ في تمر بعينه، وهما شيئان في كون المبيع متلفا، أجيب: بأن الغالب في السنبلة الحنطة يقال: هذه حنطة وهي في سنبلها، ولا يقال: هذا حب وهو في القطن، وإنما يقال: هذا قطن، وكذلك في التمر، إليه أشار أبو يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

فإن قلت: استدل الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - أيضا فيما ذهب إليه، «فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن بيع الغرر» وهذا الذي ذكرتم منه لا يدرى قدر الحب في السنابل، واستدل أيضا «بأنه - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نهى عن بيع الطعام حتى يفرك» .

قلت: حديث النهي عن بيع الغرر محمول على بيع الطير في الهواء، والسمك في الماء؛ لأن الغرر ما له عاقبة مستورة، كذا ذكره في " الصحاح "، أو يحمل على بيعه قبل أن يشتد، وحديث الفرك رواه ابن حبان في رواية عوضا عن قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «وعن بيع الحب حتى يشتد» . أخرجه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث حماد بن سلمة.

وقوله: حتى يفرك أي حتى يصير بحال يتأتى فيه الفرك، والحمل عليه أولى توفيقا بينه وبين ما روينا فافهم.

م: (ومن باع دارا دخل في البيع مفاتيح أغلاقها) ش: الأغلاق بفتح الهمزة جمع غلق بفتحتين وهو ما يغلق ويفتح بالمفتاح م: (لأنه يدخل فيه) ش: أي في البيع م: (الأغلاق؛ لأنها مركبة فيها) ش: في الدار م: (للبقاء) ش: لا للانفصال م: (والمفتاح يدخل في بيع الغلق من غير تسميته؛ لأنه) ش: أي؛ لأن المفتاح م: (بمنزلة بعض منه) ش: أي من الغلق م: (إذ لا ينتفع به) ش: أي بالغلق م: (بدونه) ش: أي ما بالغلق بالمفتاح وفي بعض النسخ إذ لا ينتفع به بدونه، أي بدون المفتاح، وفي " الفوائد الظهيرية ": هذا إذا كانت الأغلاق مركبة في حيطان الدار، أما إذا كانت منفصلة فلا تدخل بدون الذكر.

فإن قلت: يرد على هذا التعليل الطريق، حيث لا يدخل في بيع الدار مع أن الدار لا ينتفع إلا بها.

قلت: إنما لا يدخل الطريق؛ لأن المقصود من شراء الدار ربما يكون نفس الملك لا الانتفاع بها بأن يكون مراد المشتري بها أخذ دار يجنبها لسبيل الشفعة، حتى إذا كان المقصود الانتفاع بها يدخل الطريق أيضا، كما في الإجارة والقسمة والصدقة الموقوفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>