وتمليك المجهول لا يصح، ولنا أن الجهالة في الإسقاط لا تفضي إلى المنازعة، وإن كان في ضمنه التمليك لعدم الحاجة إلى التسليم فلا تكون مفسدة، ويدخل في هذه البراءة العيب الموجود، والحادث قبل القبض في قول أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
ــ
[البناية]
م:(وتمليك المجهول لا يصح) ش: كبيع شاة من قطيع غنم م: (ولنا أن الجهالة في الإسقاط لا تفضي إلى المنازعة) ش: والإبراء إسقاط لا تمليك حتى يتم بلا قبول لأنه لا يصح تمليك العين بهذه اللفظة، ويصح الإبراء بأسقطت عنك ديني، والجهالة فيه لا تفضي إلى المنازعة، لأن الجهالة إنما أبطلت التمليكات لفوت التسليم الواجب بالعقد وهو لا يتصور في الإسقاط فلا يكون مبطلا له، ولهذا جاز طلاق نسائه وإعتاق عبيده وهو لا يدري عددهم.
م:(وإن كان في ضمنه التمليك) ش: هذا جواب عن قوله: يرتد بالرد، وتقريره أن ذلك لما فيه من معنى التمليك ضمنا وهو لا يؤثر في فساد ما قلناه لأنا بينا أن محض التمليك لا يبطل بجهالة م:(لعدم الحاجة إلى التسليم) ش: لأن السقط الساقط مثلا م: (فلا تكون مفسدة) ش: كما إذا باع قفيزا من صبرة.
فإن قلت: في " الجامع الصغير " في كتاب الهبة إذا قال من له على آخر ألف درهم: إذا جاء غدا فأنت منها بريء فهو باطل فلا يصح تمليك المجهول.
قلت: إنما لا يصح التعليق فيه لأنه إنما يصح في الإسقاط المحض لا في إسقاط فيه معنى التمليك.
فإن قلت: إذا قال أبرأتك يصح، وإذا قال أبرأت أحدكما لا يصح فظهر الفرق بين المعلوم والمجهول. قلت: أبرأت أحدكما يصح أيضا عند بعض أصحابنا - رَحِمَهُ اللَّهُ - ويجيز على التعيين. كذا في " الأسرار "، ولئن سلمنا أنه لا يصح فنقول: إنما لم يصح لأن من له الحق مجهول لا لأن الحق مجهول، ألا ترى إلى من قال: لفلان علي شيء يصح، ولو قال لفلان علي ألف درهم لا يصح ولا يلزم على هذا ما إذا قال: لامرأته إحداكما طالق، لأن الطلاق بعد وقوعه يكون حقا لله تعالى وهو معلوم والدليل على أن الحق لله تعالى أنهما لو تراضيا على إسقاطه لا يصح.
م:(ويدخل في هذه البراءة) ش: إنما قال في هذه البراءة احترازا عن البراءة التي شرطها البائع في قوله بعته على أني بريء من كل عيب به فإنه لا يبرأ عن الحادث بالإجماع كذا في " الإيضاح " وغيره م: (العيب الموجود) ش: فيه وقت العقد م: (والحادث) ش: أي ويدخل العيب الحادث فيه م: (قبل القبض في قول أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: أي في ظاهر الرواية عنه وهو قول أبي حنيفة أيضا.