وقال محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يدخل فيه الحادث، وهو قول زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لأن البراءة تتناول الثابت، ولأبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن الغرض إلزام العقد بإسقاط حقه عن صفة السلامة، وذلك بالبراءة عن الموجود والحادث.
ــ
[البناية]
م:(وقال محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يدخل فيه الحادث، وهو قول زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: والحسن والشافعي ومالك وأبي يوسف - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - في رواية م:(لأن البراءة تتناول الثابت) ش: فتنصرف إلى الموجود عند العقد م: (ولأبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن الغرض إلزام العقد) ش: أي أن المقصود من البراءة إلزام العقد م: (بإسقاط حقه) ش: أي حق المشتري م: (عن صفة السلامة) ش: أي سلامة البيع م: (وذلك) ش: أي التزام العقد يكون م: (بالبراءة عن الموجود والحادث) ش: جميعا.
وذكر الكرخي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في "مختصره": فإن قال البائع: أبيعك على أني بريء من كل عيب به لم يدخل في البراءة العيب الحادث في جميع الروايات عن أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - ووجهه أنه لما قال به خص الموجود بالبراءة ولم يتجاوز غيره، وروي عن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه لو شرط في العقد البراءة من العيوب التي تحدث فسد البيع.
وفي الخلاصة ولو تبرأ البائع من كل عيب يدخل فيه العيوب والأدواء، فإن تبرأ من كل داء فهو على المرض ولا يدخل فيه الكمي ولا الأصبع الزائدة ولا أثر جرح قد برأ، وعن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - الداء هو المرض الذي في الجوف من طحال أو كبد أو نحو ذلك.
وفي " الخلاصة " أيضا رجل باع عبدا أو جارية وقال: أنا بريء من كل داء ولم يقل من كل عيب فإنه لا يبرأ عن العيوب لأن الداء يدخل في العيوب، أما العيب لا يدخل في الداء، ولو قال المشتري: الجارية برئت إليك من كل عيب بعينها، فإذا هي عوراء لا تبرأ، وكذا لو قال برئت إليك من كل عيب بيدها وهي مقطوعة اليد؛ لأن البراءة عن عيب اليد والمعين يكون حال قيام اليد والعين لا حال عدمها.
وفي " شرح الطحاوي " ولو اختلفا في العيب في أنه موجود وقت العقد أم لا فقال المشتري: هو حادث فلم يدخل في البراءة، وقال البائع: كان موجودا يدخل في البراءة. فعلى قول أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - لا فائدة لهذا الاختلاف لأنه لا يبرأ عنهما جميعا عنده وإنما هو على قول محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - فعلى قوله القول قول البائع مع يمينه أنه حادث وعند زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ - القول للمشتري.