قلنا: العرية: العطية لغة، وتأويله أن يبيع المعرى له ما على النخيل من المعري بتمر مجذوذ، وهو بيع مجازا لأنه لم يملكه فيكون برءا مبتدأ
ــ
[البناية]
قال: يعني ذلك عندنا أن يعري الرجل الرجل تمر نخلة من نخله فلم يسلم ذلك إليه حتى يبدو له، فرخص له أن يحبس ذلك. ويعطيه مكانه بخرصه تمرا وكان هذا التأويل أشبه وأولى مما قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - لأن العرية إنما هي العطية، ألا ترى إلى الذي مدح الأنصار كيف مدحهم، إذ يقول:
ليست بسنها ولا رجبية ... لكن عرايا في السنين الجوائح
أي: إنهم كانوا يعرونها في السنين الجوائح، فلو كانت العرية كما ذهب إليه مالك إذا لما كانوا ممدوحين بها إذا كانوا يصلحون كما يعطون، ولكن العرية بخلاف ذلك.
قلت: هذا الشعر لسويد بن الصامت من شعر الأنصار.
يقال: نخلة سنها، وهي التي تحمل سنة وتحول سنة فلا تحمل وذلك عيب في النخل، والرجبية بضم الراء وفتح الجيم وفتح الباء الموحدة وتشديد الياء آخر الحروف، وهي النخلة التي ترجب أي يبنى حولها جدار لتعتمد عليه، والجوائح جمع جائحة وهي الشدة التي تجتاح المال من سنة أو فتنة، وجاح الله ماله وأجاحه ماله واجتاحه على واحد، أي أملكه بالجائحة.
قوله: أن تباع بخرصها تمرا منصوب على التمييز من بخرصها فإن قوله: أن تباع مسندا إلى ضمير يرجع إلى التمر الذي على رأس النخل، لأن الكلام فيه وأنت ضميره البارز في تخرصها على أنه جمع الثمرة، وفي مثله يجوز التذكير والتأنيث فكان تقديره، وهو أن يبيع العرايا، أن يباع التمر الذي على رأس النخل لخرصها تمرا مجذوذا بمثله خرصا، قوله: أوسق جمع وسق بفتح الواو وهو ستون صاعا وهو ثلاثمائة وعشرون رطلا عند أهل الحجاز وأربعمائة وثمانون رطلا عند أهل العراق على اختلافهم في مقدار الصاع والمد م: (قلنا: العرية: العطية لغة) ش: يعني العرية التي فيها الرخصة معناها في اللغة العطية دون البيع.
م:(وتأويله) ش: أي تأويل قوله: ورخص في العرايا م: (أن يبيع المعرى له) ش: أي الغرض م: (ما على النخيل من المعري) ش: بكسر الراء م: (بتمر مجذوذ) ش: أي مقطوع م: (وهو بيع مجازا) ش: نظرا إلى الصورة، حيث أعطي في مقابله شيء تحرزا عن الخلف فألقت أن ذلك كان على خمسة أوسق، فظن الراوي أن اختصار الرخصة على ذلك المقدار م:(لأنه لم يملكه) ش: أي لأن المعري لم يملك التمر الذي على رؤوس النخل لأنه لم يقبضه فكيف يكون بيعا م: (فيكون برءا مبتدأ) ش: أي يكون أعطى العري بكسر الراء التمر المجذوذ برا ابتداء لا بيعا له، قال تاج الشريعة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لأنه أعطى شجرة، وقال: كل من ثمارها ثم أعط مثل ما كان على