وقال الشافعي: الجنس بانفراده لا يحرم النساء؛ لأن بالنقدية وعدمها لا يثبت إلا شبهة الفضل، وحقيقة الفضل غير مانع فيه حتى يجوز بيع الواحد بالاثنين فالشبهة أولى. ولنا أنه مال الربا من وجه نظرا إلى القدر أو إلى الجنس، والنقدية أوجبت فضلا في المالية فتحقق شبهة الربا وهي مانعة كالحقيقة،
ــ
[البناية]
م:(وقال الشافعي: والجنس بانفراده لا يحرم النساء لأن بالنقدية) ش: أي في جانب م: (وعدمها) ش: أي في جانب آخر م: (لا يثبت إلا شبهة الفضل) ش: لأن النسيئة عبارة عن تأخير المطالبة وهي ليست حقيقة الفضل إلا أن فيها تفاوت المالية حكما، والتفاوت في المالية حقيقة أكثر تأثيرا في التفاوت في المالية حكما، ولا أثر له في المنع من جواز العقد حتى يجوز بيع ثوب بثوبين، فالتفاوت حكما أولى. كذا قاله تاج الشريعة - رَحِمَهُ اللَّهُ -، ويفهم منه معنى قوله: م: (وحقيقة الفضل غير مانع فيه حتى يجوز بيع الواحد بالاثنين فالشبهة أولى) ش: أي بأن لا تكون مانعة، بيانه على وجه الإيضاح: أن حقيقة الفضل غير مانع في الجنس حتى جاز بيع الهروي بالهرويين، والعبد بالعبدين والشبهة أولى.
وقال الأكمل - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قيل ليس في تخصيص الجنس بالذكر في عدم تحريم النساء زيادة فائدة فإن القدر عنده كذلك، فإنه يجوز إسلام الموزونات في الموزونات كالحديد والرصاص.
ويمكن أن يقال: إنما خصه بالذكر لأن الحكم وهو حرمة النساء إنما لم توجد عنده في صورة الجنس وأما في صورة القدر فقد توجد، فإنه لم يجوز بيع الذهب بالفضة نسيئة، وكذا بيع الحنطة بالشعير وإن كان علة ذلك عنده غير القدر وهو أن التقابض شرط في الصرف وبيع الطعام عنده م:(ولنا أنه) ش: أي أن بيع النسيئة م: (مال الربا من وجه نظرا إلى القدر) ش: أي إلى القدر وحده كما في الحنطة مع الشعير م: (أو إلى الجنس) ش: أي أو نظرا إلى الجنس وحده كالثوب الهروي مع الهروي.
م:(والنقدية أوجبت فضلا في المالية فتحقق شبهة الربا) ش: لأن الفضل من حيث النقدية فضل من حيث المعنى، والنقد خير من النسيئة فمن الوجه الذي هو مال الربا أظهر الفضل من حيث النقدية في أحدهما، وذلك شبهة الربا م:(وهي) ش: أي شبهة الربا م: (مانعة) ش: عن الجواز م: (كالحقيقة) ش: قال الأكمل في بحث من وجهين:
أحدهما: ما قيل أن كونه من مال الربا من وجه شبهة، وكون الشبهة أوجبت فضلا شبهة فصار بشبهة الشبهة، والشبهة هي المعتبرة دون النازل عنها.
والثاني: أن كونها شبهة الربا كالحقيقة إما أن يكون مطلقا أو في محل الحقيقة، والأول ممنوع والثاني مسلم لكنها كانت جائزة فيما نحن فيه، فيجب أن تكون الشبهة كذلك.