والجواب عن الأول: أن الشبهة الأولى في المحل والثانية في الحكم، وثمة شبهة أخرى، وهي التي في العلة، وبشبهة العلة والعمل يثبت شبهة الحكم لا شبهة الشبهة، وعن الثاني: أن القسمة غير حاضرة بل الشبهة مانعة في محل الشبهة كما أن الحقيقة مانعة في محلها إذا وجدت العلة بكمالها.
فإن قيل: بعض الشراح استدل للشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - بما روي «عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "أمره أن يجهز جيشا فبعدت الإبل فأمره أن يأخذ في قلائص الصدقة، فكان يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة» ، رواه أبو داود.
واستدل لأصحابنا بما رواه أبو داود - رَحِمَهُ اللَّهُ - أيضا من حديث الحسن عن سمرة «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن بيع الحيوان نسيئة» ورواه بقية الأربعة.
وقال الأكمل - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فإن قيل: ما قال المصنف لم يستدل للجانبين بهذه الأحاديث، ثم قال: فالجواب أن جهالة التاريخ وتطرق التأويلات منعاه عن ذلك. قلت: قيل: الجواب عن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أنه كان في دار الحرب وقد أخذ عبد الله من أهل الحرب ولا ربا بينهما عندنا.
وقيل: إن كان قبل تحريم الربا، وقيل: حديث عبد الله بن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في طريق ابن إسحاق بطريق بقية وهو مدلس فلا يحتج به.
ولما أخرج الترمذي - رَحِمَهُ اللَّهُ - حديث سمرة قال: حديث سمرة حسن صحيح، وسماع الحسن عن سمرة صحيح، هكذا قال علي بن المديني وغيره، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وغيرهم في بيع الحيوان بالحيوان نسيئة وهو قول سفيان الثوري، وأهل الكوفة، وبه يقول أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - انتهى كلام الترمذي - رَحِمَهُ اللَّهُ -.