للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن تيمم مسلما ثم ارتد - والعياذ بالله - ثم أسلم فهو على تيممه. وقال زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يبطل تيممه؛ لأن الكفر ينافيه فيستوي فيه الابتداء والبقاء

ــ

[البناية]

عنده وهو ليس من أهلها، ويفهم منه أيضاً دليلنا؛ لأنه إذا لم تكن النية شرطاً عندنا صح وضوءه، وإن لم تعتبر نيته.

م: (فإن تيمم مسلم ثم ارتد - والعياذ بالله - ثم أسلم فهو على تيممه) ش: يعني له أن يصلي بهذا التيمم.

م: (وقال زفر: يبطل تيممه) ش: باعتراض الارتداد م: (لأن الكفر ينافيه) ش: أي ينافي التيمم ابتداء فكذا انتهاء م: (فيستوي فيه الابتداء والبقاء) ش: أي إذا كان الكفر ينافيه ابتداء فيستوي في هذا الحكم الابتداء والبقاء.

فإن قلت: الضمير في قوله: " فيه " يرجع إلى ماذا.

قلت: قد أشرت إليه بقولي: " فيستوي في هذا الحكم "، وقال بعضهم: أي يستوي في هذا الأمر المنافي حالة الابتداء وحالة البقاء، وهذا مثل الأول في المعنى. وذكر في " الجامع الصغير " للحسامي أن المنافاة بينهما باعتبار معنى العبادة، فإنه شرع مطهر غير معقول المعنى تعبداً فينافيه الكفر كسائر العبادات. وفي " المختلف " أنه عبادة فلا يجامع الكفر، فعلى هذا لا يتصور الخلاف المذكور إلا في التيمم المنوي؛ لأن غيره وإن كان مفتاحاً للصلاة عنده ليس بعبادة كالوضوء بلا نية فلا ينافيه الكفر، فبقي بعد الارتداد على أصله، والصحيح أن المنافاة بينهما باعتبار عدم الأهلية، فإن كافراً لو تيمم لا يصح التيمم مشروعاً في حقه، ويكون فعله كفعل البهيمة، فثبت أن الكفر مناف للتيمم يستوي فيه الابتداء والبقاء. فعلى هذا بطل تيممه عنده نوى أو لم ينو. وفي " الكافي ": ويبطل عنده؛ لأنه عبادة فينافيه الكفر، ثم سيق الكلام إلى أن قيل: فإنه إنما يصير عبادة بالنية وهي ليست بشرط عنده. قلنا: الكلام في المنوي أو في غيره لا خلاف. وقال عبد العزيز: يبعد ما ذكره.

قلت: إن أراد به أنه لا خلاف في بقائه على الصحة بعد الكفر فهو غير مستقيم؛ لأن هذا لا يصح أصلاً عندنا لعدم شرطه، فكيف بقي على الصحة، وإن أراد به لا خلاف في بطلانه وهو الظاهر فهو كما قال، إلا أن ما قال زفر على كونه عبادة فينافيه الكفر غير مستقيم لما بينا أن غير المنوي ليس بعبادة، فكيف يصح بناء بطلانه على الكفر المنافي للعبادة مع انتفاء صفة العبادة عنه.

فإن قلت: كان من حقه أن ينعكس الحكم لانعكاس العلة، فإنه من حقه أن لا يبطل تيمم المسلم بارتداده على قوله لعدم احتياجه إلى النية وهذه كالوضوء في ذلك.

قلت: قال شيخ الإسلام: هذه المسألة من زفر رواية منه أن التيمم لا يصح إلا بالنية، وروي

<<  <  ج: ص:  >  >>