كالمحرمية في النكاح. ولنا أن الباقي بعد التيمم صفة كونه طاهرا فاعتراض الكفر عليه لا ينافيه كما لو اعترض على الوضوء، وإنما لا يصح من الكافر ابتداء لعدم النية منه، وينقض التيمم كل شيء ينقض الوضوء؛ لأنه خلف عنه فأخذ حكمه،
ــ
[البناية]
عنه أنه يصح بغير النية، فعلى هذا لا يبطل على مذهبه بالردة كالوضوء، فكان عنه روايتان أن التيمم من غير نية يتأدى أم لا.
وجواب آخر: أنه تكلم فيه على قول من يرى فيه وجوب النية كما تكلم أبو حنيفة في المزارعة على رأي من يرى صحتها وإن كان هو لا يرى بجوازها.
م:(كالمحرمية في النكاح) ش: بأن كان الزوجان رضيعين وقد زوج كلاً منهما أبوهما ثم أرضعتهما امرأة، أو كانا كبيرين وقد مكنت المرأة ابن زوجها بعد النكاح حيث قال: يرتفع النكاح بينهم بعد الثبوت كما لا ينعقد فيهما ابتداء. والأصل أن كل صفة منافية الحكم يستوي فيها الابتداء والبقاء م:(كالردة والمحرمية في النكاح) ش: والحدث العمد في الصلاة.
فإن قلت: لو سبقه الحدث في الصلاة لا يعيدها فينبغي أن يفسدها؛ لأنها لا تنعقد به ابتداء.
قلت: ذلك مخصوص بالنص وهو قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «من قاء أو رعف في صلاة فلينصرف وليتوضأ وليبن على صلاته ما لم يتكلم» رواه ابن ماجه من حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -. م:(ولنا أن الباقي بعد التيمم صفة كونه طاهراً) ش: يعني الباقي بعد التيمم صفة كون المرتد طاهراً بذلك التيمم م: (فاعتراض الكفر عليه) ش: أي على التيمم م: (لا ينافيه) ش: أي لا ينافي كونه طاهراً؛ لأن التيمم عند الكفر لا يكون موجودا حتى بطل لوجود ما ينافيه م:(كما لو اعترض على الوضوء) ش: أي كاعتراض الكفر على الوضوء، فإنه لا يبطله للبقاء فيه فكذا التيمم م:(لأنه) ش: أي لأن التيمم م: (خلف عنه) ش: أي عن الوضوء، ولا شك أن حال الخلف دون حال الأصل، فكان مبطلاً للأعلى فأولى أن يكون مبطلاً للأدنى، بخلاف الصوم والصلاة؛ لأن حكمهما بعد الفراغ عنهما الثواب، وهو لا يجامع الكفر، والتيمم له حكم آخر وراء الثواب وهو الطهارة والكفر يجامعها، فجاز أن ينفي التيمم بعد هذا الحكم، فإن السبب يبقى بعد بقاء أحد الحكمين وإن بطل الآخر، كما في الثواب والطهارة في الوضوء بعد الارتداد.
م:(فأخذ حكمه) ش: أي فأخذ الخلف حكم الأصل، فالخلف هو التيمم والأصل هو الوضوء، وقد ذكرنا أن كون التيمم خلفاً عن الوضوء مذهب محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
فإن قلت: الردة تحبط العمل لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ}[المائدة: ٥](المائدة: الآية ٥) ووضوءه وتيممه من عمله، فكيف يبقيان بعد الردة.
قلت: الردة تحبط ثواب العمل، وذلك لا يمنع زوال الحدث كمن توضأ رياء، فإن الحدث يزول