للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن وجد الماء يتوضأ ويصلي به، وإلا تيمم وصلى ليقع الأداء بأكمل الطهارتين، فصار كالطامع في الجماعة،

ــ

[البناية]

السهو إلى الشارحين، وأورد في شرحه ما قاله، بل الحق أن السهو منه لا منهم؛ لأنه فهم كلامهم على خلاف مقصودهم.

بيان ذلك: أنه فهم من قولهم بأن أداء الصلاة في أول الوقت أفضل لغي المترجي بأن المراد بأول الوقت حقيقة كما هو مذهب الشافعي، وهو خلاف المذهب، فلزم من ذلك ما ذكره، لكن ليس هذا بمراد، بل مرادهم بأن العبادات في أول الوقت المستحب المعهود في حقهم المقيم أفضل لغير راجي الماء، يعني التأخير عن أول الوقت المستحب إنما يكون مستحباً لعدم الماء إذا كان راجياً لوجدانه، وإلا فالمستحب الأداء في أول وقت الاستحباب لا التأخير.

والذي يدل على ما ذكرنا ما ذكره في " البدائع " بقوله: وإن لم يكن على طمع لا يؤخر ويتيمم ويصلي في الوقت المستحب، وكذا يدل عليه كلام الشيخ عبد العزيز عن شمس الأئمة في " الإمام "، وهو قوله: فإن كان لا يرجو ذلك لا يؤخر الصلاة عن وقتها المعهود، وأراد بذلك المعهود في حق غيره، وهو أول الوقت المستحب المعهود في المذهب، لا أول الوقت المعهود على مذهب الشافعي، ويدل عليه ما نقله الأترازي المعترض على صاحب " التحفة ": روى المعلى عن أبي حنيفة وأبي يوسف: الطامع في الماء يؤخر إلى آخر الوقت، وغير الطامع يؤخر إلى آخر الوقت المستحب، فظهر من هذا أن المراد بأول الوقت في هذا الموضع أول الوقت المستحب، وآخر الوقت المستحب، لا كما فهمه الأترازي، فإنه احترز بقوله: العادم الماء عن قول الشافعي لا غير العادم؛ لأن مذهب الشافعي: إن عادم الماء وإن رجى أن يجده في آخر الوقت قدم الصلاة، وهو غير صحيح على ما نص عليه الشافعي في " الإملاء "، فإنه موافق لمذهبنا.

وقال الأكمل: وقوله العادم الماء ليس احترازاً عن غير عادمه، بل هو احتراز عن قول الشافعي، فإن عنده أن عادم الماء آخر ما ذكرناه الآن.

قلت: هذا بعينه كلام الأترازي، وقد بينا فساده الآن.

م: (فإن وجد الماء) ش: " الفاء " فيه للتفصيل، أي: فإن وجد عادم الماء بعد تأخير الصلاة إلى آخر الوقت م: (يتوضأ ويصلي به) ش: وقوله: يتوضأ هذا جواب الشرط، وهو محذوف مقدر، م: (وإلا) ش: أي: وإن لم يجد الماء، م: (تيمم) ش: لأنه عادم الماء حقيقة م: (وصلى) ش: صلاته التي أخرها م: (ليقع الأداء) ش: أي أداء الصلاة التي أخرها إلى آخر الوقت م: (بأكمل الطهارتين) ش: وهو الوضوء، وصيغة أفعل تدل على أن التيمم طهارة كاملة، ولكن الوضوء أكمل منها م: (فصار) ش: هذا الشخص في هذه الحالة م: (كالطامع في الجماعة) ش: أي كالشخص الذي يؤخر الصلاة إلى آخر الوقت طمعاً في كثرة الجماعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>