وعن أبي حنفية، وأبي يوسف - رحمهما الله - في غير رواية الأصول أن التأخير حتم؛ لأن غالب الرأي كالمتحقق.
ــ
[البناية]
وقال الأكمل: قوله كالطامع في الجماعة ليس احترازاً عن غير الطامع، بل إلزام على الشافعي؛ لأن مذهبه أن التأخير مستحب إذا كان طامعا في الجماعة.
قلت: هذا بعينه كلام الأترازي، وهو ليس بصحيح، بل هو احتراز عن غير الطامع، وليس بإلزام على الشافعي؛ لأن مذهبه المنصوص عليه كمذهبنا على ما ذكرنا، والطامع في الجماعة على قسمين، أحدهما: الطامع المسافر، فإن كان واجداً للماء أو غير راج فإن المستحب فيه أداء الصلاة أول الوقت؛ لأن الأصل هو المسارعة إلى أداء العبادات على ما نطق به التنزيل والرفقة كلهم حاضرون، فلا يثبت التأخير في حقه للأصل، ولهذا يستحب الأداء في أول الوقت في الشتاء لهذا المعنى، ويدل على ما قلنا قول المصنف " ويستحب لعادم الماء وهو يرجوه " لأن تخصيص الاستحباب به يدل على أن الاستحباب أداء الصلاة أول الوقت للمسافر الواجد ولغير الراجي.
والقسم الثاني: للطامع المقيم، فإن المستحب في حقه تأخيرها للطمع في كثرة الجماعة.
م:(وعن أبي حنيفة وأبي يوسف في غير رواية الأصول) ش: وهي رواية " النوادر " و " الأمالي " و " الرقيات " و " الكيسانيات " و " الهارونيات "، ورواية " الأصول " رواية " الجامعين " و " الزيادات "" والمبسوطات ". قلت: الرقيات جمع رقية نسبة إلى رقية بفتح الراء وتشديد القاف، وهي واسطة ديار ربيعة، وهي مدينة خراب كبيرة مورده على الجانب الغربي من الجانب الشمالي الشرقي.
وقال ابن حوقل:" الرقة " أكبر مدن ديار بكر ويقال لها: الراقية، وقال سعيد: واسمها البيضاء و " الرقيات " مسائل جمعها محمد حين كان قاضياً بالرقية المذكورة. و " الكيسانيات " جمع كيسانية نسبة إلى " كيسان " وكان من أصحاب محمد أبي عمرو، وسليمان بن شعيب الكيساني من قولهم ذكر محمد في " الكيسانيات " أو في " إملاء الكيساني "، وكيسان: أحمد جدار سليمان بن شعيب ونسبته إليها. والهارونيات جمع هارونية.
م:(أن التأخير) ش: أي تأخير الصلاة لعادم الماء الراجي م: (حتم) ش: أي واجب، يعني إذا كان ذلك الموضع بعيداً، نص عليه في " المبسوط "، وفي " المحيط " و " الذخيرة "؛ لأن شرع التيمم لدفع الحرج وصيانة للوقت عن الفوات فإذا تيقن أو غلب على ظنه وجود الماء آخر الوقت فقد أمن من الفوات حقيقة أو ظاهراً، فلا يجزئه التيمم ويجب التأخير، م:(لأن غالب الرأي كالمتحقق) ش: ولهذا وجب العمل بخبر الواحد، والقياس يؤيده، قال الله تعالى:{فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ}[الممتحنة: ١٠](الممتحنة: الآية ١٠) علق عدم الرد إليهم بالعلم