للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه الظاهر أن العجز ثابت حقيقة، فلا يزول حكمه إلا بقين مثله

ــ

[البناية]

بكونهن مؤمنات، والعلم بذلك لا يكون إلا لغالب الرأي وهو كالثابت حقيقة، وفي ظاهر الرواية لا يجب التأخير عنه مع بعد المسافة، ويجزئه التيمم مع غلبة الظن بوجدان الماء في آخر الوقت أو التيقن.

وأشار إلى وجه الظاهر بقوله م: (وجه الظاهر) ش: أي وجه ظاهر الرواية م: (أن العجز ثابت حقيقة فلا يزول حكمه) ش: أي حكم العجز وهو جواز التيمم م: (إلا بيقين مثله) ش: قيل: هذا ليس بوجه، فإن زوال العجز لا يتوقف على اليقين، ألا ترى أن وجود الماء لو كان مظنوناً بأن كان في العمران، ورأى من بعيد أشجاراً أو سراباً ظنه ماء لا يتيمم، فقد زال عذره بغير تغير.

ونقل الأكمل ها هنا عن الشيخ عبد العزيز إشكالاً ملخصه أن قوله: " لأن غالب الرأي كالمتحقق " يقتضي أن يجب التأخير عند التحقق في آخر الوقت مع بعد المسافة في ظاهر الروايات ليصلح مقيسا عليه، ويمكن إلحاق غالب الرأي وليس كذلك، فإنه ذكر في أول الباب أن من كان خارج المصر يجوز له التيمم إذا كان بينه وبين الماء ميل أو أكثر، وإن كان أقل لا يجوز، وإن خاف فوت الصلاة، وإن جعل هذا يعني التعليل على أن المراد منه أن التيمم لا يجوز في التحقق في غير رواية " الأصول " فألحق غالب الظن به في هذه الرواية لا يستقيم أيضاً؛ لأنه علل وجه ظاهر الرواية بأن العجز ثابت (حقيقة فلا يزول حكمه إلا بيقين مثله) وذلك يقتضي أن حكم العجز يزول عند اليقين بوجود الماء في ظاهر الرواية، وليس كذلك على ما بينا، وإن حمل على أن هذا فيما إذا كان بينه وبين ذلك الموضع أقل من ميل لا يستقيم أيضاً؛ لأنه لا فرق في تعليل ظاهر الرواية بين غلبة الظن واليقين فيما إذا كانت المسافة أقل من ميل في عدم جواز التيمم، كما أنه لا فرق بينهما إذا كانت المسافة أكثر من ميل في جواز التيمم.

وقد صرح في آخر هذا الباب أنه إذا غلب على ظنه أن بقربه ماء لا يجزئه التيمم كما لو تيقن بذلك فعلم أنه مشكل. بقي وجه آخر وهو أن يحمل هذا على ما إذا لم يعلم أن المسافة قريبة أو بعيدة، فلو ثبت أنه تيقن بوجود الماء في آخر الوقت فقد أمن من الفوات، ولما لم يثبت بعد المسافة للشك فيه لم يثبت جواز التيمم فيجب التأخير. أما لو غلب على ظنه عدم بعد المسافة، وكذلك عندهما في غير رواية " الأصول "؛ لأن الغالب كالمتحقق، وفي ظاهر الرواية لا يجب التأخير؛ لأن العجز ثابت لعدم الماء حقيقة، وحكم هذا العجز وهو جواز التيمم لا يزول إلا بيقين مثله، وهو اليقين في وجود الماء في آخر الوقت، ولم يوجد فلا يجب التأخير، ولكن هذا الوجه لا يخلو عن تمحل، ويلزم عليه أنه فرق ها هنا بين غلبة الظن واليقين في ظاهر الرواية، ولم يفرق بينهما فيما إذا غلب على ظنه أن بقربه ماء في عدم جواز التيمم، ولا فيما إذا كانت المسافة بعيدة في جواز التيمم كما بينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>