للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بخلاف المحدود في غير القذف؛ لأن الرد للفسق وقد ارتفع بالتوبة، وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: تقبل إذا تاب لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [النور: ٥] : (النور الآية: ٥) ، استثنى التائب. قلنا الاستثناء ينصرف إلى ما يليه، وهو قَوْله تَعَالَى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: ٤] ، (النور الآية: ٤)

ــ

[البناية]

م: (بخلاف المحدود في غير القذف) ش: هذا جواب عما يقال المحدود في القذف فاسق بقوله تعالى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: ٤] (النور: الآية ٤) والفاسق إذا تاب تقبل شهادته كالمحدود في غير القذف، فأجاب بقوله بخلاف المحدود في غير القذف نحو السرقة والزنا وشرب الخمر، حيث تقبل شهادته بعد التوبة م: (لأن الرد) ش: أي رد الشهادة م: (للفسق وقد ارتفع بالتوبة) ش: وفي المحدود في القذف الرد من تمام التوبة فظهر الفرق بينهما.

م: (وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - تقبل) ش: أي توبته م: (إذا تاب لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [النور: ٥] (النور: الآية ٥) استثنى التائب) ش: بيانه أن المانع من قبول شهادته الفسق، وبالتوبة ارتفع الفسق فتقبل شهادته قياساً على المحدود في الزنا، أو السرقة أو شرب الخمر إذا تاب فإن شهادته تقبل بالاتفاق إلا عند الحسن بن حي والأوزاعي - رحمهما الله - فإن عندهما لا تقبل شهادة من حد في الإسلام بعد التوبة في قذف أو غيره، كذا ذكر أبو بكر الرازي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " شرح الطحاوي " وبقول الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وأحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -، واختلفوا في توبته، فقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: توبته إكذابه نفسه، وبه قال أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - لما روي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قال: توبة القاذف إكذابه نفسه بأن يقول: كان قذفي باطلاً، وبه قال ابن أبي هبيرة - رَحِمَهُ اللَّهُ - من أصحاب الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - وهو رواية عن أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

وقال الإصطخري، من أصحاب الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: توبته أن يقول كذبت فيما قلت، ولا أعود إلى مثله وهل تعتبر مع التوبة إصلاح العمل؟ فيه قولان.

م: (قلنا: الاستثناء ينصرف إلى ما يليه وهو قَوْله تَعَالَى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: ٤] (النور: الآية ٤)) ش: يعني الاستثناء ليس براجع إلى جميع ما تقدم لأن من جملته قَوْله تَعَالَى: {فَاجْلِدُوهُمْ} [النور: ٤] (النور: الآية ٤) ، ولا يرتفع الجلد بالتوبة فعلم أن الاستثناء ليس براجع إلى جميع ما تقدم بل إلى ما يليه، وهو قَوْله تَعَالَى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: ٤] (النور: الآية ٤) ، وليس من رفع الفسق قبول الشهادة كالعدل يوضحه قَوْله تَعَالَى في قصة لوط - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: {إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ} [الحجر: ٥٨] {إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ} [الحجر: ٥٩] {إِلَّا امْرَأَتَهُ} [الحجر: ٦٠] (الحجر: الآيات ٥٨، ٥٩، ٦٠) ، إن الاستثناء راجع إلى المنجين لا إلى المهلكين، ونقول أيضاً: إن الاستثناء ينصرف إلى ما يليه وهو قوله: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: ٤] (النور: الآية ٤) ، وليس بمعطوف على أن ما قبله طلبي وهو إخباري، فإن قلت: فاجعله بمعنى الطلب ليصح كما في قَوْله تَعَالَى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [البقرة: ٨٣] (البقرة: الآية ٨٣) ،

<<  <  ج: ص:  >  >>