وقالت طائفة: لا توقيت في المسح، ويمسح ما شاء، يروى عن الشعبي، وربيعة، والليث، وأكثر أصحاب مالك، وسمع مطرف مالكا يقول: التوقيت بدعة، وقال الشافعي: لا توقيت فيه، قاله نصر. وقال النووي: هو قوله القديم: وهو ضعيف وواه جداَ، ولا تفريع عليه، وحكى ابن المنذر عن سعيد بن جبير أنه يمسح من غدوه إلى الليل، وعن الشعبي، وأبي ثور وسليمان بن داود: أنه لا يصلي به إلا خمس صلوات إن كان مقيماً، وخمس عشرة إن كان مسافراً، وهو مذهب مردود؛ لأن التوقيت بالزمان لا بتعدد الصلوات.
وفى " المحيط ": لو خاف على رجله يمسح على خفيه من غير توقيت للضرورة، وفي " جوامع الفقه " المسافر بعد الثلاث يمسح على خفيه لخوف البرد للضرورة. وفي " الاستذكار ": روي عن مالك إنكار المسح على الخفين في الحضر والسفر أكثر وأشهر، وعلى ذلك بنى موطأه، وقد ذكرنا في أول الباب عن مالك ست روايات.
وقال ابن المنذر في كتاب " الإجماع ": أجمع العلماء على جواز المسح على الخفين، وقد صح رجوع من كان مخالفهم، وكذلك لا أعلم أحداً من الفقهاء المسلمين روي عنه إنكار المسح إلا مالكاً، الرواية الصحيحة الرجوع بخلاف ذلك، وعلى ذلك جميع أصحابه، احتج من قال بعدم التوقيت بما خرجه أبو داود، والدارقطني، البيهقي، «عن أبي بن عمارة، وقد كان صلى مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى القبلتين قال: قلت: يا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنمسح على الخفين، قال:" نعم " قلت: يوم، قال:" ويومين " قلت: وثلاثة أيام قال: " نعم، وما شئت " وفي رواية: حتى بلغ سبعاً، فقال - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " نعم ما بدا لك.»
والجواب عنه: أن أبا داود قال: هذا الحديث ليس بالقوي، واختلف في إسناده، وقال الدارقطني: إسناده لا يثبت، وقال ابن القطان: فيه محمد بن زيد، وهو ابن أبي زياد صاحب حديث الصور، قال فيه أبو حاتم: مجهول، ويحيى بن أيوب مختلف فيه، وهو ممن عيب على مسلم إخراج حديثه. وقال ابن العربي: وفي طريقه ضعفاء أو مجاهيل، منهم: عبد الرحمن بن زيد، ومحمد بن يزيد وأيوب بن قطن، وقال البخاري: حديث مجهول، لا يصح. وقال أحمد: رجاله لا يعرفون، وقال الثوري: اتفقوا على أنه ضعيف مضطرب لا يحتج به.