فإن قلت: رواه الحاكم في " المستدرك " وقال: إسناده بصري، ولم ينسب واحد منهم إلى جرح، وأبي بن عمارة صحابي مشهور، ولم يخرجاه.
قلت: لا يؤخذ منه ما قاله مع وجود ما ذكرنا، وكيف يخرجه البخاري مع قوله: حديث مجهول.
فإن قلت: إذا كان الأمر كذلك فما مستند أهل المدينة في المسح أكثر من ثلاث ويوم وليلة.
قلت: قال أبو زرعة: لهم فيه أثر صحيح من رواية عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أنه كان لا يوقت في المسح على الخفين وقتاً، واحتجوا أيضاً برواية حماد بن زيد عن كثير بن شنظير عن الحسن قال: سافرنا مع أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فكانوا يمسحون خفافهم بغير وقت ولا عذر، رواه ابن الجهيم في " كتاب " وروى ابن الجهيم في " كتابه " بسنده إلى سعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه خرج من الخلاء فتوضأ ومسح على خفيه، فقلت له: تمسح عليهما وقد خرجت من الخلاء، قال: نعم إذا أدخلت القدمين إلى الخفين وهما طاهرتان فامسح عليهما ولا تخلعهما إلا لجنابة.
وروى أيضاً بسنده إلى عروة أنه كان لا يوقت في المسح، وروي نحو ذلك عن جماعة من الصحابة، قاله ابن عبد البر في " الاستذكار "، وهم عمر بن الخطاب، وسعد بن أبي وقاص، وعقبة بن عامر، وعبد الله بن عمر.
والجواب عن ذلك أن هذا لا يصادم الأحاديث الصحيحة في التوقيت على ما نذكره عن قريب إن شاء الله تعالى، على أن ابن حزم ضعف كثير بن شنير جداً، وعن يزيد بن مغفل عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة، فدل ذلك على رجوع عمر إلى التوقيت في المسح.
وأخرج الطحاوي ما روي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - من ثمان طرق، وأخرجه البهيقي من حديث الأسود عن شبابة عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن.
وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه " أخبرنا عائذ بن حبيب، عن طلحة بن يحيى، عن أبان بن عثمان قال: سألت سعد بن أبي وقاص عن المسح على الخفين فقال: نعم ثلاثة أيام ولياليهن