للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

وقال الأزهري وهي قراءة الأعمش وحفص عن أبي بكر ومحمد بن إدريس الشافعي، والجر قرأ به ابن عباس في رواية عكرمة وحمزة وابن كثير، وقال الحافظ أبو بكر بن المغربي: وقرأ يونس، وعلقمة، وأبو جعفر بالخفض، والمشهور قراءة الجر، والنصب وبينهما تعارض فالحكم في تعارض القراءتين كالحكم في تعارض الآيتين، وهو أنه إن أمكن العمل بهما يعمل مطلقا، وإن لم يمكن.. يعمل بهما بالقدر الممكن، وهاهنا لا يمكن الجمع بين الغسل والمسح في عضو واحد في حالة واحدة؛ لأنه لم يقل به أحد من السلف، ولأنه يؤدي إلى تكرار المسح؛ لأن الغسل يتضمن المسح، والأمر المطلق لا يقتضي التكرار، ولا يحتمله، فيعمل في حالتين، فيحمل قراءة النصب على ما إذا كانت الرجلان باديتين ويحمل على قراءة الجر على ما إذا كانتا مستورتين بالخفين توفيقا بين القراءتين وعملا بهما بالقدر الممكن، وقد يقال إن قراءة من قرأ {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: ٦] بالخفض معارضة لمن نصبها فلا حاجة إذن لوجود المعارضة فإن قيل: نحن نحمل قراءة الجر على أنها منصوبة المحل فإذا حملناه على ذلك لم يكن بينهما تعارض بل يكون معناهما النصب، وإن اختلف اللفظ فيهما، ومتى أمكن الجمع لم يجز الحمل على التعارض، والاختلاف، والدليل على جواز العطف على المحل قَوْله تَعَالَى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} [النساء: ١] (النساء: الآية ١) وقال الشاعر:

ألا حي عثمان عمرو بن عامر ... إذا ما تلاقينا اليوم أو غدا

فنصب " غدا " على المحل، ويجاب بأن العطف على المحل خلاف السنة وإجماع الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أما السنة: فحديث عمرو بن عيينة الذي أخرجه مسلم، وفيه: «ثم يغسل قدميه إلى الكعبين» ، الحديث.

وأما الإجماع فهو ما روى عاصم عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: بينما يوم والحسن يقرأ على علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وجلس قاعدا إلى علي يحازيه فسمع قارئا يقرأ: وأرجلكم، ففتح عليه الحسن بالخفض، فقال علي وزجره: إنما هو فاغسلوا وجوهكم واغسلوا أرجلكم في القرآن تقديم للتعظيم وتأخيره. وكذلك عن عروة ومجاهد، والحسن، ومحمد بن الحسن، وعبد الرحمن بن الأعرج، والضحاك، وعبد الرحمن بن عمرو بن غيلان، زاد البيهقي، وعطاء، ويعقوب الحضرمي، وإبراهيم بن زيد التميمي، وأبي بكر بن عباس. وذكر ابن الحاجب في " أماليه " أنه نصب على الاستئناف وقيل: المراد بالمسح في حق الرجل: الغسل، ولكن أطلق عليه لفظ المسح للمشاكلة كقوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: ٤٠] (سورة الشورى: الآية ٤٠) ، وقيل: إنما ذكر بلفظ المسح لأن الأرجل من بين سائر الأعضاء مظنة إسراف الماء بالصب فعطف على الممسوح

<<  <  ج: ص:  >  >>