للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى ذلك انعقد الإجماع. وتصح بالإيجاب والقبول والقبض، أما الإيجاب والقبول؛ فلأنه عقد، والعقد ينعقد

ــ

[البناية]

عن العوام بن حوشب عن شهر بن حوشب عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تهادوا تحابوا» .

وأما حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فرواه الطبراني في " معجمه الأوسط " ثنا محمد بن يحيى بن محمد بن السكن ثنا ريحان بن سعيد ثنا عرعرة بن اليزيد ثنا المثنى أبو حاتم العطار عن عبيد الله بن العيزار عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن عائشة قالت: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تهادوا تحابوا، وهاجروا تورثوا أولادكم مجدا وأقيلوا الكرام عثراتهم» وأخرجه مالك في " الموطأ " مرسلا عن عطاء الخراساني قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تصافحوا يذهب الغل وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء» .

قوله: تهادوا - بفتح الدال وسكون الواو لأنه صيغة خطاب للجماعة من التهادي، وأصله تهادى؛ لأنك تقول تهاد تهاديا تهاديوا قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم حذفت لالتقاء الساكنين فصار تهادوا كما في مادة تعالوا وأصله تعاليوا. قال الله تعالى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ} [آل عمران: ٦٤] (آل عمران ٦٤) . قوله: تحابوا بتشديد الباء المضمومة وهو أيضا صيغة خطاب للجماعة، وأصله تحابون ولكن سقطت النون لأنه جواب للأمر، وأصله تحابوا؛ لأنه من التحابب من المحبة، أدغمت الباء في الباء، وقال الحاكم: تحابوا إما بتشديد الباء من الحب، وإما بالتخفيف من المحاباة.

قلت: ترجيح الأول الذي هو المشهور ما أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن صفية بنت حرب عن أم حكيم بنت وداع أو قال: وادع قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «تهادوا تزيدوا في القلب حبا» .

م: (وعلى ذلك) ش: أي كون الهبة مشروعة م: (انعقد الإجماع) ش: أي إجماع الأمة.

م: (وتصح) ش: أي الهبة م: (بالإيجاب) ش: كقوله وهبت ونحوه، هذا بمجرده في حق الواهب م: (والقبول) ش: كقوله قبلت م: (والقبض) ش: بالجر، أي وبالقبض فلا يتم في حق الموهوب له إلا بالقبول والقبض كما يأتي؛ لأنه عقد تبرع فيتم بالتبرع، ولكن لا يملكه الموهوب له إلا بالقبول والقبض، وثمرة ذلك فيمن حلف لا يهب فوهب ولم يقبل الموهوب له يحنث. وعند زفر لا يحنث بلا قبول وقبض كما في البيع، فلا يتم، أو حلف على أن لا يهب فلانا فوهبه ولم يقبل يرد في يمينه عندنا.

م: (أما بالإيجاب والقبول فلأنه عقد) ش: أي فلأن الهبة عقد نحو سائر العقود، وذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>