بالإيجاب والقبول والقبض لا بد منه لثبوت المالك، وقال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - يثبت الملك فيه قبل القبض اعتبارا بالبيع، وعلى هذا الخلاف الصدقة، ولنا قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لا تجوز الهبة إلا مقبوضة» .
ــ
[البناية]
الضمير باعتبار العقد م:(والعقد ينعقد بالإيجاب والقبول) ش: لأن قيام العقد بهما م: (والقبض لا بد منه لثبوت الملك) ش: وبه قال الشافعي وأحمد وأكثر الفقهاء والتابعين، إلا أن أحمد يقول: إن كانت الهبة عينا تصح بدون القبض في الأصح، وفي المكيل والموزون لا يصح بدون القبض.
م:(وقال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يثبت الملك فيه قبل القبض اعتبارا بالبيع) ش: لأنه عقد لازم يقبل الملك فلم يتوقف على القبض كالبيع، ولأنه إزالة ملك بغير عوض فلا يعتبر فيه القبض كالوصية والوقف، وبه قال أبو ثور والشافعي في القديم وابن أبي ليلى وفي كتاب " التفريع " لأصحاب مالك: وفيمن وهب شيئا من ماله لزمه دفعه إلى الموهوب له إذا طالبه به، فإن أبى ذلك حكم به عليه إذا أقر أو قامت عليه البيئة، وإن أنكر الهبة حلف عليها وبرئ منها، وإن نكل عن اليمين حلف الموهوب له وأخذها منه.
وإن مات الواهب قبل دفعها إلى الموهوب له فلا شيء له إذا كان قد أمكنه أخذها ففرط فيها، وإن مات الموهوب له قبل قبضها قام ورثته مقامه في مطالبة الواهب بهبته انتهى. وقال الخرقي من أصحاب أحمد: لا تصح الهبة والصدقة فيما يكال ويوزن إلا بقبضة، ويصح في غير ذلك بغير قبض إذا قبل كما يصح في البيع. م:(وعلى هذا الخلاف الصدقة) ش: فعندنا يشترط فيها القبض خلافا لمالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
م: (ولنا قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لا تجوز الهبة إلا مقبوضة» ش: هذا حديث منكر لا أصل له، والعجب من الكاكي حيث يقول: قيل: هذا الحديث غير مرفوع، بل قول علي وعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ولم يبين ذلك، وليس كذلك بل هذا الذي ذكره المصنف قول إبراهيم النخعي رواه عبد الرزاق في مصنفه وقال: أخبرنا سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم قال: لا تجوز الهبة حتى تقبض والصدقة تجوز قبل أن تقبض. وأما قول عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فهو ما رواه البيهقي من حديث يزيد بن زريع نا سعيد عن قتادة عن يحيى بن يعمر عن أبي موسى قال عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لا محال ميراث ما لم يقبض.
والأحسن أن يستدل على اشتراط القبض في الهبة بما أخرجه البيهقي من حديث عبد الله