والمراد نفي الملك؛ لأن الجواز بدونه ثابت ولأنه عقد تبرع، وفي إثبات الملك قبل القبض إلزام المتبرع شيئا لم يتبرع به وهو التسليم فلا يصح بخلاف الوصية؛ لأن أوان ثبوت الملك فيها بعد الموت
ــ
[البناية]
ابن وهب أنا مالك ويونس وغيرهما أن ابن شهاب أخبرهم عن عروة عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - " أن أبا بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نحلها جذاذ عشرين وسقا من مال الغابة، فلما حضرته الوفاة قال: والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إلي غنى بعدي منك ولا أعز علي فقرا بعدي منك، إلا أني كنت نحلتك من مالي جذاذ عشرين وسقا، فلو كنت جذذته واحترزت به كان لك ذلك، وإنما هم أخواك وأختاك فاقتسموه على كتاب الله عز وجل.. الحديث، كذا رواه الطحاوي في شرح الآثار وقال: حدثنا يونس أخبرنا ابن وهب أن مالكا حدثه ... إلى آخره، فهذا أدل دليل على اشتراك القبض وبه استدل في " المبسوط " وأصحاب الشافعي في كتبهم.
قوله: نحلها، أي وهب لها، والجذاذ بكسر الجيم من جذذت الشيء أجذه بالضم جذا قطعته، وروي جاذ عشرين وسقا.
قال الخطابي: الجاذ بمعنى المجذوذ فاعل بمعنى مفعول والوسق ستون صاعا. والغابة بالغين المعجمة وبعد الألف باء موحدة مخففة وهو موضع مشهور بالمدينة، وفي رواية من ماله بالعالية، وهو أيضا موضع بالمدينة.
م:(والمراد نفي الملك) ش: أي المراد من قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لا تجوز الهبة إلا مقبوضة» عدم ثبوت حكم الهبة وهو الملك م: (لأن الجواز) ش: أي جواز الهبة م: (بدونه ثابت) ش: أي بدون الملك؛ لأن الجواز ثابت قبل القبض بالاتفاق.
م:(ولأنه) ش: أي ولأن عقد الهبة م: (عقد تبرع، وفي إثبات الملك قبل القبض إلزام المتبرع شيئا) ش: وعقد التبرع لم يلزم به شيء م: (لم يتبرع به وهو التسليم) ش: أي الذي لم يتبرع به هو التسليم م: (فلا يصح) ش: لأن من ضرورات الملك التسليم، ورد بأن المتبرع بالشيء قد يلزمه ما لم يتبرع به إذا كان من تامة ضرورة تصحيحه كمن نذر أن يصلي وهو محدث لزمه الوضوء ومن شرع في صوم أو صلاة لزمه الإتمام.
وأجيب: بأنه مغالطة، فإن ما لا يتم الشيء إلا به فهو واجب إذا كان ذلك الشيء واجبا كما ذكرت في الصوم، فإنه يجب بالنذر أو الشروع، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، والهبة عقد تبرع ابتداء وانتهاء، فإنه لو وهب وسلم جاز له الرجوع فكيف قبل التسليم فلا يجب ما يتم به.
م:(بخلاف الوصية؛ لأن أوان ثبوت الملك فيها بعد الموت) ش: لما قاس مالك الهبة على