أي ما لم يعوض، ولأن المقصود بالعقد هو التعويض للعادة، فثبت له ولاية الفسخ عند فواته؛ إذ العقد يقبله.
ــ
[البناية]
فإن قيل: قد قال البيهقي غلط فيه عبيد الله بن موسى، والصحيح رواية عبد الله بن وهب عن حنظلة عن سالم عن أبيه عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - من قوله، وإسناد حديث أبي هريرة أليق، إلا أن فيه إبراهيم بن إسماعيل وهو ضعيف عند أهل الحديث، فلا يبعد منه الغلط، والصحيح رواية سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن سالم عن أبيه عن عمر فرجح الحديث إلى عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - من قوله وقال ابن القطان في طريق الطبراني: هو لم يصل إلى العزرمي إلا على لسان كذاب وهو إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي، فلعل الخيانة منه.
قلت: حديث ابن عمر صحيح مرفوعا، ورواته ثقات، كذا قال عبد الحق في " الأحكام "، وصححه ابن حزم، وكذا قال الحاكم كما ذكرنا، وقد توبع راويه كما أخرجه الدارقطني عن إسماعيل الصفار عن علي بن سهل عن عبيد الله، فلا حمل على شيخ الحاكم، ولا نسلم للبيهقي أنه وهم، بل يحمل على أن لعبيد الله فيه إسنادين ولا يقال يجوز أن يكون المراد به قبل التسليم فلا يكون حجة؛ لأن ذلك لا يصح؛ لأن قوله أحق يدل على أن لغيره حقا فيها، ولا حق لغيره قبل التسليم. ولأنه لو كان كذلك لخلا قوله ما لم يثب منها عن الفائدة، إذ هو أحق قبله وإن شرط العوض.
م:(أي ما لم يعوض) ش: هذا ليس من الحديث، بل هو تفسير لقوله ما لم يثب وهو على صيغة المجهول من الإثابة وهو التعويض، وأصله من الثوب وهو الرجوع. يقال ثاب الرجل يثوب ثوبا وثوبانا.
م:(ولأن المقصود بالعقد هو التعويض للعادة فثبت له ولاية الفسخ عند فواته) ش: أي فوات المقصود م: (إذ العقد يقبله) ش: أي الفسخ، قيل فيه نظر؛ لأن المقاصد بالهبات مختلفة، فقد يكون المقصود مكافأة الموهوب عن إحسانه، وقد يكون الحامل على الهبة مجرد المحبة، وقد يكون المقصود نسج المودة أو النفع بالبدن أو بالجاه، وتسمى رشوة أو العوض المالي وليس القصد منحصرا في التعويض بالمال، حتى يقال إنه إذا لم يثب من الهبة بالمال، والتعويض غير مشروط أنه يجوز الرجوع فيه، ويمكن أن يجاب عنه بأن المقصود غالبا هو العوض المالي، أشار إليه بقوله: العادة يعني عادة الناس غالبا من هباتهم التعويض بالمال. ولهذا يقال - الأبادي فروض - وقد تأبدت بالشرع، قال - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «تهادوا تحابوا» والمعروف كالمشروط، والتفاعل يقتضي وجود الفعل من الجانبين.