ألا ترى أن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أجاز العمرى وأبطل شرط المعمر
بخلاف البيع؛ لأنه - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نهى عن بيع وشرط، ولأن الشرط الفاسد في معنى الربا،
ــ
[البناية]
فإن قلت: للواهب حق فيكون اشتراطه الرد عليه عبارة عن ذلك الحق الثابت.
قلت: قوله على أن يرد إخبار عن لزوم الرد ولزومه غير ذلك الحق إذ ليس من حق الرد لزوم الرد. م:(ألا ترى) ش: إشارة إلى بيان أصل ذلك وهو م: (أن «النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أجاز العمرى وأبطل شرط المعمر» ش: يعني في رجوعها إليه بعد موت المعمر له، وجعلها ميراثا لورثة المعمر له، والحديث أخرجه البخاري ومسلم عن أبي سلمة عن جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقول:«العمرى لمن وهبت له» ، وأخرجه مسلم أيضا عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أمسكوا عليكم أموالكم لا تعمروها فإنه من أعمر عمرى فإنها للذي أعمرها حيا وميتا» ، وأخرجه أبو داود والنسائي عن عروة عن جابر قال:«من أمر عمرى فهي له ولعقبه» .
وأخرج البخاري ومسلم أيضا عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «العمرى جائزة» .
فإن قلت: يشكل على هذا ما أخرجه مسلم عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: إنما العمرى التي أجازها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يقول هي لك ولعقبك. فأما إذا قال هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها. قال معمر: وكان الزهري يقول به.
قلت: هذا مقيد بالعقب وغيره من الأحاديث مطلقة، ونحن نعمل بالمطلق والمقيد جميعا ولا نقيد المطلق.
م: (بخلاف البيع) ش: فإنه يبطل بالشروط الفاسدة م: (لأنه - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «نهى عن بيع وشرط» ش: هذا الحديث أخرجه الحارث في مسند أبي حنيفة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن بيع وشرط» وقد طعنوا في هذا الحديث وقد مر الكلام فيه مستوفى في كتاب البيوع م: (ولأن الشرط الفاسد في معنى الربا) ش: لأنه لما قوبل المبيع بالثمن خلاف الشرط عن العوض، وفيه منفعة لأحدهما أو للمعقود عليه وهو من أهل الاستحقاق. وليس الربا إلا بمال يملك بالعقد من غير عوض، والشرط الذي قلنا له حكم المال لأنه يجوز أخذ