للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن وهبها له على أن يردها عليه أو على أن يعتقها أو أن يتخذها أم ولد، أو وهب له دارا أو تصدق عليه بدار على أن يرد عليه شيئا منها، أو يعوضه شيئا منها فالهبة جائزة والشرط باطل؛ لأن هذه الشروط تخالف مقتضى العقد، فكانت فاسدة والهبة لا تبطل بها،

ــ

[البناية]

م: (فإن وهبها له على أن يردها عليه) ش: أي فإن وهب جارية له، أي لفلان على أن يردها عليه م: (أو على أن يعتقها أو أن يتخذها أم ولد أو وهب له دارا أو تصدق عليه بدار على أن يرد عليه) ش: أي على الواهب م: (شيئا منها) ش: أي من الدار م: (أو يعوضه شيئا منها) .

ش: وهذا متصل بقوله: وتصدق عليه بدار لأنه لو وصل بقوله: أو وهب دارا كان هبة بشرط العوض، والهبة بشرط العوض صحيح، والشرط صحيح حتى يكون هبة ابتداء بيعا انتهاء. وإنما لا يصح اشتراطا العوض في الصدقة لأخ الهبة، اللهم إلا أن أراد بقوله أو يعوضه شيئا منها هو أن يرد بعض الدار الموهوب له على الواهب بطريق العوض قبل الدار فيصح صرف قوله: أو بعضه حينئذ إلى قوله: أو وهب دارا، إلا أنه يلزم التكرار لا فائدة. قاله الكاكي.

قلت: لا يلزم؛ لأن الرد عليه لا يستلزم كونه عوضا فإن كونه عوضا إنما هو بألفاظ تقدم ذكرها. وفي الجامع الصغير عن يعقوب عن أبي حنيفة: في الرجل يهب للرجل هبة أو يتصدق عليه بصدقة على أن يرد عليه ثلثها أو ربعها أو يعوضه ثلثها أو ربعها، قال: الهبة جائزة ولا يرد عليه ولا يعوضه منها شيئا.

وقال الأسبيجابي في شرح " الكافي ": فإن كانت الهبة ألف درهم والعوض درهم منها لم يكن ذلك عوضا؛ لأن الشيء لا يصلح أن يكون عوضا عن نفسه، وكان للواهب أن يرجع في الهبة لانعدام العوض، وكذلك إذا كانت الهبة دارا والعوض بيت منها وإن وهب له حنطة وطحن بعضها فعوضه دقيقا عن تلك الحنطة كان عوضا لأنه بالطحن صار شيئا آخر فالقطع حق الواهب عنه فصلح عوضا.

وكذلك لو وهب له ثيابا فصبغ منها ثوبا بعصفر أو قميصا ثم عوضه إياه؛ لأن الزيادة القائمة بالثوب صلحت عوضا وقد انقطع حق المالك عنه. وكذلك لو وهب له سويقا فلت بعضه ثم عوضه بعضه.

م: (فالهبة جائزة) ش: هذا جواب أن في قوله فإن وهبها إلى آخره م: (والشرط باطل) ش: وبه قال الشافعي وأحمد - في رواية عن أبي ثور - وأحمد في صحة الهبة بالشرط الفاسد وجهان بناء على الشروط الفاسدة في البيع م: (لأن هذه الشروط تخالف مقتضى العقد) ش: لأن مقتضى ثبوت الملك مطلقا بلا توقيت، فإذا شرط عليه الرد والإعتاق أو غير ذلك يعتد بها م: (فكانت فاسدة والهبة لا تبطل بها) ش: أي بالشروط الفاسدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>