ولأن القربة متى حصلت وقعت على العامل ولهذا تعتبر أهليته، فلا يجوز له أخذ الأجر من غيره كما في الصوم والصلاة، ولأن التعليم مما لا يقدر المعلم عليه إلا بمعنى من قبل المتعلم، فيكون ملتزما ما لا يقدر على تسليمه فلا يصح. وبعض مشايخنا استحسنوا الاستئجار على تعليم القرآن الكريم اليوم؛ لأنه ظهر التواني في الأمور الدينية، ففي الامتناع تضييع حفظ القرآن
ــ
[البناية]
وعن الثاني المراد منه الجعالة في الرقية، لأن ذكر ذلك في سياق حديث الرقية وهو حديث الذي ذكرناه آنفا عن أبي سعيد الخدري. والرقية نوع مداواة، والمأخوذ عليه جعل، والمداواة يباح أخذ الأجر عليها، وبهذا أخرج الجواب عن الحديث الثالث وقال ابن الجوزي: قد أجاب أصحابنا عن هذين الحديثين بثلاثة أجوبة:
أحدها: أن القوم كانوا كفارا فجاز أخذ أموالهم.
والثاني: أن حق التضييف واجب ولم يضيفوهم.
والثالث: أن الرقية ليست بقربة محضة فجاز أخذ الأجرة عليها. وقال القرطبي في شرح مسلم: ولا نسلم أن جواز الأجر في الرقى يدل على جواز التعليم بالأجر، والحديث إنما هو في الرقية.
م:(ولأن القربة متى حصلت وقعت عن العامل ولهذا تعتبر أهليته) ش: أي أهلية العامل ويشترط نيته لا نية الآمر، ولو انتقل فعل المأمور إلي الآمر بشرط أهليته ونيته كما في الزكاة حتى لو كان المأمور كافرا يصح أداء الزكاة، لأن المؤدي هو الأمري هنا بخلافه م:(فلا يجوز له أخذ الأجر من غيره كما في الصوم والصلاة) ش: أي كما لا يجوز الاستئجار وأخذ الأجر في الصوم والصلاة بلا خلاف.
م:(ولأن التعليم مما لا يقدر المعلم عليه) ش: بكسر اللام، عليه أي على التعليم م:(إلا بمعنى من قبل المتعلم) ش: لأن المعلم يلقن الصبي وهو يتلقن بفهمه الثاقب ويتعلم بذهنه الرائق، وهذا يتفاوت بين الصبيان في التعليم وإن كان التعليم واحدا.
وفي بعض النسخ من قبل المعلَّم بفتح اللام المشددة م:(فيكون) ش: أي المعلم الذي يوجد نفسه لتعليم القرآن م: (ملتزما ما لا يقدر على تسليمه فلا يصح) ش: والتسليم شرط في الإجازة فيفسد بعدمه. وقوله ما لا يتقدر مفعول لقوله: ملتزما الإيفاء، فلا يصح في النتيجة.
م:(وبعض مشايخنا) ش: وهم أئمة بلخ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - م:(استحسنوا الاستئجار على تعليم القرآن اليوم لأنه ظهر التواني) ش: أي الفتور والكسل م: (في الأمور الدينية، ففي الامتناع تضيع حفظ القرآن) ش: لأن المتقدمين منعوا ذلك لرغبة الناس في التعليم حسبه ومروءة في