للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذا بلغ الغلام غير رشيد لم يسلم إليه ماله، حتى يبلغ خمسا وعشرين سنة، فإن تصرف فيه قبل ذلك نفذ تصرفه، فإذا بلغ خمسا وعشرين سنة يسلم إليه ماله وإن لم يؤنس منه الرشد. وقالا: لا يدفع إليه ماله أبدا حتى يؤنس رشده، ولا يجوز تصرفه فيه، لأن علة المنع السفه فيبقى ما بقي العلة وصار كالصبا. ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أن منع المال عنه بطريق التأديب ولا يتأدب بعد هذا ظاهرا وغالبا، ألا ترى أنه قد يصير جدا في هذا السن

ــ

[البناية]

م: (ثم عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذا بلغ الغلام غير رشيد) ش: أي حال كونه غير رشيد م: (لم يسلم إليه ماله حتى يبلغ خمسا وعشرين سنة، فإن تصرف فيه قبل ذلك نفذ تصرفه) ش: لأنه لا يحجر عليه عنده.

م: (فإذا بلغ خمسا وعشرين سنة يسلم إليه ماله وإن لم يؤنس منه الرشد. وقالا) ش: أي أبو يوسف ومحمد رحمهما الله م: (لا يدفع إليه ماله أبدا حتى يؤنس رشده ولا يجوز تصرفه فيه) ش: أي في ماله، وأبدا نصب على الظرف، والجمع بينه وبين حتى تسامح ظاهر م: (لأن علة المنع السفه، فيبقى ما بقي العلة) ش: أي يبقى المنع ما دامت العلة باقية، لأن الله تعالى علق دفع المال بإيناس الرشد.

فوق: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: ٦] (سورة النساء: الآية ٦) ، فلا يجوز الدفع قبله إذ المعلق بالشرط معدوم قبله، والسفه صلة، فالعبرة لقيامها وزوالها لا للزمان وبه قالت الثلاثة م: (وصار كالصبا) ش: أي وصار حكم السفه كحكم الصبا، فالسفه ما دام موجودا فحكمه حكم الصبي ولو صار شيخا فانيا.

م: (ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن منع المال عنه بطريق التأديب) ش: يمكن أن يوجه هذا الكلام على وجهين:

الأول: أن يقول سلمنا أن علة المنع السفه، لكن المعلول هو المنع عنه بطريق التأديب، يعني من حيث التأديب، وهذا يقتضي أن يكون محلا للتأديب وهو ما لم ينقطع رجاء التأديب م: (ولا يتأدب بعد هذا ظاهرا وغالبا) ش: أي ولا يبقى التأديب بعد بلوغه خمسا وعشرين سنة لانقطاع رجاء التأديب بعد هذه المرة ظاهرا في غالب الأحوال.

م: (ألا ترى أنه قد يصير جدا في هذا السن) ش: هذا توضيح لعدم التأديب عند بلوغه لهذا السن وهو خمسة وعشرون سنة، لأنه يصير جدا عند ذلك باعتبار أصل مدة البلوغ في الإنزال وهو اثنتا عشر سنة، وأقل مدة الحمل وهو ستة أشهر، وأقل الطبائع من بلغ خمسا وعشرين سنة فقد بلغ رشده، ألا ترى أنه يصير جدا صحيحا في هذا السن، لأن أدنى ما

<<  <  ج: ص:  >  >>