فلا فائدة للمنع، فلزم الدفع، ولأن المنع باعتبار أثر الصبا وهو في أوائل البلوغ، وينقطع بتطاول الزمان فلا يبقى المنع، ولهذا قال أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لو بلغ رشيدا ثم صار سفيها لا يمنع المال عنه؛ لأنه ليس بأثر الصبا،
ــ
[البناية]
يحتلم الإنسان في اثنتي عشرة سنة ثم يولد له في ستة أشهر يبلغ ذلك في اثنتي عشرة سنة ثم يولد له ولد ابن في ستة أشهر فيصير جدا صحيحا في خمس وعشرين سنة، ومن صار فرعه أصلا فقد تناهى في الأصلية، فإذا لم يؤنس رشده إلى هذه المدة فالظاهر انقطاع رجاء تأديبه فلا معنى لمنع المال عنه بعد ذلك، إلى هذا أشار محمد في الكتاب فقال أرأيت أنه لو بلغ مبلغا صار ولده قاضيا وله نافلة كان يحجر به على أبيه ويمنع المال منه، هذا قبيح.
فإن قلت: قد يصير الإنسان جدا في اثنتين وعشرين سنة، أي بلغ الصبي في اثني عشرة سنة فتزوج بامرأة فولدت لستة أشهر بنتا فبلغت البنت على تسع سنين فزوجها من رجل وولدت لستة أشهر فصار جدا في اثنين وعشرين سنة، فلم قدره بخمس وعشرين سنة.
قلت: الجد المطلق وهو الجد الصحيح، والفاسد لا اعتبار به.
الوجه الثاني: أن يجعل معارضة فيقال ما ذكرتم وإن دل على ثبوت المدلول لكن عندنا ينفيه وهو أن منع المال عنه بطريق التأديب ولا تأديب بعد هذا الملك.
م:(فلا فائدة للمنع) ش: أي لمنع المال عنه م: (فلزم الدفع) ش: أي فإذا كان كذلك لزم دفع المال إليه م: (ولأن المنع باعتبار أثر الصبا) ش: هذا دليل آخر تقريره أن المنع بعد البلوغ إذا لم يؤنس رشده باعتبار أثر الصبا م: (وهو) ش: أثر الصبا أي وجدانه م: (في أوائل البلوغ وينقطع بتطاول الزمان) ش: وقد ذلك بخمس وعشرين سنة، لأن مدة البلوغ من حيث السن ثماني عشرة سنة وما قرب من البلوغ فهو في حكم البلوغ، وقدر ذلك المبيع بالسنين اعتبارا بمدة التمييز في الابتداء على ما أشار النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعة» .
م:(فلا يبقى المنع) ش: بعد ذلك م: (ولهذا) ش: أي ولأجل أن المنع، باعتبار أثر الصبا م:(قال أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لو بلغ رشيدا) ش: أي لو بلغ الصبي حال كونه رشيدا م: (ثم صار سفيها لا يمنع المال عنه؛ لأنه ليس بأثر الصبا) ش: بل لخفة اعترته، إما لغضب، أو فرح.
فإن قلت: الدفع معلق بانيا من الرشيد، فما لم يوجد، لا يجوز الدفع إليه، إذ المعلق بالشرط لا يوجد، قيل: وجوده وما بقي مفسدا لماله ما لم يؤنس منه الرشد.