مسعود وابن عباس وعائشة وعروة وأبي سلمة وعبد الرحمن والشافعي وأحمد ومالك في رواية.
وقال بعضهم: تغتسل كل يوم غسلا، روي ذلك عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وابن عمر وأنس وسعيد بن المسيب. وقال بعضهم: تجمع بين الظهر والعصر بغسل وبين المغرب والعشاء وتصلي الصبح بغسل.
احتج من قال بوجوب الغسل لكل صلاة بما «روت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت فسألت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأمرها أن تغتسل لكل صلاة» والجواب عن ذلك أن هذا لم يرفعه إلا محمد بن إسحاق عن الزهري، وأما سائر أصحاب الزهري فإنهم يقولون فيه عن عروة عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «عن أم حبيبة بنت جحش [أنها] استحيضت فسألت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقال:"إنما هو عرق وليس بالحيضة، فأمرها أن تغتسل وتصلي» ففهمت ذلك عنه فكانت تغتسل لكل صلاة.
وقال أبو عمر في " التمهيد " عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أنها استفتت بعد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في المستحاضة أنها تتوضأ لكل صلاة، فأفتوها بذلك بعد وفاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، دلت على نسخ ما روت عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذ لا يسوغ لها خلاف رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويحمل ذلك على الاستحباب أو على الثانية [أي] أيام عادتها فافهم.
فإن قلت: روي أبو داود: «أن امرأة كانت تهريق على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمرها أن تغتسل عند كل صلاة» .
قلت: أجاب النووي عن ذلك أن الأحاديث الواردة في سنن أبي داود والبيهقي وغيرهما أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمرها بالغسل لكل صلاة، فليس فيها شيء ثابت، وقد بين البيهقي ومن قبله ضعفها، واحتج من قال: تغتسل في كل يوم مرة في أي وقت شاءت من النهار، بما رواه أبو داود في "سننه " من حديث معقل الخثعمي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: المستحاضة إذا انقضى حيضها اغتسلت كل يوم لأجل الاحتياط، وأما الصوف التي فيها السمن أو الزيت فإن بها يدفع الدم وينشفه. ومعقل بالعين المهملة وبالقاف.